YOUR EXISTING AD GOES HERE

لندن – السفير
بقلم: فيصل فولاذ
المنسق العام مجموعة البحرين لحقوق الانسان
مكتب لندن / المملكة المتحدة
ملاحظة: نشر المقال بجريدتنا تمّ بموافقة صاحبه

منذ أن حطت الطائرة حاملة الخميني في مطار طهران بعد رحيل الشاه حتى بدأ يطرح شعار تصدير الثورة الإسلامية إلى دول المنطقة، ورمز إلى ذلك بشعار بصورة مقاتل إيراني يقف على الكرة الأرضية حاملاً علم جمهورية إيران الإسلامية. بعد ذلك بدأت مطالبات إيران بالبحرين وتمسكها باحتلال الجزر الإماراتية الثلاث، ثم مسلسل تدخلاتها في دول المنطقة.
كانت أول مواجهة لشعار خميني بتصدير الثورة نفذها العراق، بعد أن بدأت إيران تتدخل بشؤونه الداخلية، واحتلالها مخافر حدودية عراقية وقصفها، ودامت المواجهة حرباً ضروساً لمدة ثماني سنين منع العراق خلالها إيران من تحقيق حلمها باحتلاله والتمدد في الخليج العربي.
ولكن مطالبات إيران بالبحرين وتدخلها في شؤون دول الخليج لم تتوقف، بل ازدادت شراسة بعد غزو أميركا للعراق، وبين الحين والآخر يطل علينا المسؤولون الإيرانيون بتصريحات من قبيل أن إيران لا تتدخل في شؤون دول الجوار العربي، مؤكدين احترمهم لسيادة الجوار، إلا أن ذلك كله يتنافى مع حقيقة الممارسات التي يشهدها الواقع العملي وكان آخرها تصريح مرشد الثورة الايرانية علي خامنئى بقوله أن: «هناك أكثرية شيعية مظلومة في البحرين حرمت من حقها في الرأي، وأن الصحوة الإسلامية بدأت بإزعاج الغرب لكونها ستقف في وجه غطرسته»، وهو ما يعني بشكل واضح إلى أي مدى تتمادى طهران في أكاذيبها وتناقض مواقفها، فمثل هذه التصريحات تكشف زيف الادعاءات الايرانية بالتزامها بمبادئ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، واحترامها لاستقلاليتها وسيادتها واختيارات شعبها، فضلا عما تؤكده هذه التصريحات من إساءة بالغة لسجل دولة الملالي في إساءتها لدول اسلامية مجاورة، وتأكيد هذه التصريحات التناقض بين مواقف الدولة الإيرانية من قضايا الحقوق والحريات. ففي الوقت الذي تعاني منه ايران من أوضاع اقتصادية متدهورة وانتهاكات صارخة بحق الشعب الايراني، نجد الحديث عن حقوق المضطهدين في دول الجوار، وهو ما يؤكد حجم التدخل في البلدان الخليجية.
ففي الوقت الذي تعاني منه ايران من أوضاع اقتصادية متدهورة وانتهاكات صارخة بحق الشعب الايراني، نجد الحديث عن حقوق المضطهدين في دول الجوار.
تصدير الثورة حسب الخميني تصدير للطائفة
واتضح للعالم كله، فيما بعد، أن شعار تصدير الثورة الذي أعلنه الخميني هو في حقيقته تصدير الطائفية والفوضى إلى دول المنطقة ثم إلى دول العالم. ولم يقتصر الأمر على تصريحات المرشد فحسب، بل أكدت تصريحات وزير الخارجية الإيراني «صالحي» هذه الأكاذيب التي تنتهجها طهران ضد جيرانها. ذكر في حديث له خلال زيارته إلى الأردن بأن المسؤولين البحرينيين طلبوا منه زيارة المنامة سرا لإقناع الطرف الذي ينتهج العنف سبيلاً لتحقيق أهدافه، وهو أمر مستعبد ليس فقط لنفي المسؤولين السياسيين البحرينيين، بل لأن الواقع يؤكد أن إدارة الدول والخلافات الداخلية بين أطراف المجتمع الواحد تحل داخلياً دون تدخل خارجي، فمن غير المعقول أن يتقبل أحد الطرفين أن يتدخل طرف خارجي ليفرض شروطه على شقيق الوطن، إلا اذا اتسم هذا الطرف بالخيانة للوطن.
وكانت الطامة الكبرى في تصريحات مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون العربية والأفريقية، حسين أمير عبد اللهيان، بشأن البحرين والتي طالب فيها «بالاعتداز عن قيام قوات الأمن البحرينية بمداهمة منزل عيسى قاسم في الدراز متوعداً الدولة بانتظار رد لا تتوقعه إن لم تعتذر عن العملية»، ليؤكد الصفاقة الايرانية التي تعتقد أنها الدولة الراعية للإقليم بأسره، وهو ما يعكس الواقع الذى يجب أن يدركه أهل البحرين بمختلف انتماءاتهم، بأن حلم عودة الدولة الصفوية ما زال المسيطر الأول على عقول الساسة الإيرانيين مستخدمين الشعار الديني والطائفي/ المذهبي ستاراً لتحقيق طموحاتهم وآمالهم.
ولم تتوقف تدخلات إيران في الشأن السياسي للبحرين، فقبل أيام أكدت دعمها لحزب الله واصفة أن منع حكومة البحرين المجموعات السياسية في البلاد من الاتصال بحزب الله حليف طهران «مؤسف». وهذا ما جاء على لسان الناطق باسم الخارجية الإيرانية عباس عراقجي الذي قال إن «قرار البحرين حيال حزب الله مؤسف».
وكانت البحرين حظرت على المجموعات السياسية إجراء اتصالات بحزب الله اللبناني، ووصف وزير خارجية البحرين خالد بن أحمد آل خليفة الأحد على موقعه الشخصي على تويتر الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله بـ»الإرهابي الذي يعلن الحرب على أمته»، مشدداً على أن «إيقاف نصر الله وإنقاذ لبنان من براثنه واجب قومي وديني علينا جميعا».
إن التاريخ يؤكد أن السياسة الإيرانية دائمة التدخل في الشؤون الداخلية للدول بصفة عامة ودول الخليج بصفة خاصة، في ظل السعي لاستعادة المجد الفارسي في المنطقة. فما تقدمه طهران من مسوغات حول نفي تدخلها في الشؤون الداخلية للدول تكذبه الممارسات اليومية التي ينتهجها المسؤولون الإيرانيون، وستظل الأزمة البحرينية عنوانا على هذا التدخل الفج في الشأن الخليجي والذي يمتد إلى دول خليجية أخرى كالكويت والسعودية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

رأي/ غزة.. وكنت من الواهمين أيضا..

تونس – السفير – بقلم العيد القماطي كنت من الواهمين، في أنصار لهيب غزّة، أن يتص…