YOUR EXISTING AD GOES HERE

تونس – السفير
بقلم: أمين الحميدي
إنها الممارسات الإجرامية والتخريبية والسلوكات العنصرية والطائفية المقيتة التي انتهجها الاحتلال الأميركي وأعوانه في بلاد الرافدين .. واعطاء الضوء الأخضر لعشرات المليشيات المسلحة الشيعية المتدفقة من خارج العراق من بلدان متورطة في كل ما يحدث في العراق وسورية واليمن وعلى رأسهم الجمهورية الفارسية الإيرانية و أعوانها. من الشيعة الأفغان والباكستانيين والأكراد والفلبينيين والبنغلاداشيين الذين تدفقوا بعشرات الآلاف من المقاتلين ، مدفوعا لهم بآلاف الدولارات تحت غطاء ومسوّغ “حماية المراقد المقدّسة”.. إنني لست بصدد تأصيل تلكم العقيدة المنخرمة .. بل إني اقدم بين أيديكم مادّة متواضعة لا تمثل مثقال ذرة من المعاناة الحقيقية التي يتعرض لها أهل السنّة والجماعة في المحافظات والأقاليم السنية.. وبخاصة داخل التجمعات الشيعية منذ عام الغزو الصليبي الفارسي المجوسي لأرض العراق المجيد .
حيث تثبت التقارير الصادرة عن مراكز القرار والبحوث الاستراتيجية والجيوسياسية أن الحرس الثوري الإيراني قاتل جنبا إلى جنب تحت الخفاء مع القوات الأميركية . ولعل أبرز تلك الأدلّة كان اجتياح المغاوير الإيرانية ممثلة في “فيلق بدر” للطابق الرّابع من وزارة الداخلية العراقية أثناء فترة الحاكم الأميركي العسكري “بول بريمر” ولم تتدخّل القوات الأميركية ولم تصدر من الإذاعات العراقية والمراسلين الذين كانوا يغطون الأحداث (خاصة الصحفيين الأميركان الذين قدّروا بالمئات والذين رافقوا الوكالة الرسمية والقناة الخاصة للجيش الأمريكي ووزارة دفاعها ” البنتاغون” والمسماة ” fox news” ) واستمرت تلك الإختراقات الإيرانية للسيادة العراقية المنتهكة وسط غفلة العراقيين وانشغالهم بالمحتل الأمريكي الذي قتل زهاء المليونين بسبب كذبة خرقاء وسياسة مدروسة ومخطط لها في دهاليز الأجهزة السيادية لمراكز القرار الدولي ..
وبدأت تلك الأعمال بالتبلور شيئا فشيئا باحتلال المساجد السنّية والاعدامات الميدانية التي كانت تنفذ بحق الخطباء والأئمة السّنة في بغداد وضواحيها والتي كانت تنفذها أجهزة الأمن على مرآى ومسمع المواطنين وإحراق الجثث واغتيال الكوادر السنّية و التجسس لصالح الجيوش الغازية ضد المقاومين العراقيين ..
ولعل تلك الجرائم التي ارتكبها “جيش المهدي” بقيادة ” مقتدى الصدر” الذي عاد مؤخرا للعراق بعد تلقيه ” للعلم الشيعي في قم ” .. ولكن هذه الدعوى سرعان ما أنكرها اهل السّنة الذين قمعوا وسجنوا في جحيم المعتقلات العلنية (بوكا وأبو غريب) مثل الشيخ ” مهدي الصميدعي” الذي صرّح بأنّ جميع المعتقلين خالون من الجنح والجنايات وانهم جميعهم من المثقفين والساسة ورجال الدين السنّة والمقاومين للاحتلال الأميركي .. ومن جملة ما قاله في مقابلته التي أجراها مع “قناة الرأي التي كانت تبثّ من دمشق والتي يرأس مجلس إدارتها السياسي المشبوه “مشعان الجبوري” بأن ضباطا إيرانيين كانوا يتداولون الاستجوابات مع القوات والمفتشين الأميركان في السجون والمعتقلات وكانوا يهددون ب”الثأر والانتقام” لكل إيراني قتل في الحرب العراقية الإيرانية التي تجرّع الخميني سمّها الزّعاف ..وتكبدت إيران فيها خسائر فادحة في الأرواح قدرت بمليون قتيل وعجز تام في الميزانية أجبر الخميني على توقيع “قرار وقف النار” و مثّل ذلك هزيمة نكراء للإيرانيين الذين خدعوا بمحاولات تسويق الخميني للحرب على أنها “حرب مقدسة نحو تحرير القدس الشريف” !
وبدأت المليشيات الإيرانية تتوافد على بغداد وتتم عسكرتها وتدريبها في معسكرات الجيش العراقي “الجديد” الذي حرص “بول بريمر” و” إياد علاوي” على تركيز العنصر الشيعي وبثه في جميع مفاصل المؤسسة العسكرية العراقية .. ولم يجد الحكام الجدد للعراق تسويغا مبرّرا لحملات الاعتقال والمداهمات والتصفيات الجسدية التي كانت تقام بحق العسكريين العراقيين السابقين ..سوى حجّة “إجتثاث البعث” .. تلك الذّريعة التي أحرقت فيها الحكومة العراقية والمليشيات المسلحة التابعة لها آلافا من جثث أبناء العشائر السّنية وكوادرها الذين عرفوا بمقاومتهم للإحتلال الأميركي خاصة من الذين اكتشفوا اللعبة الإيرانية في حدود العراق . وتكشف بعض المصادر السياسية أن أوّل تلك الخطوات التي اتخذتها الحكومة الإيرانية كانت :
– تصفية الكوادر والنّخب العسكرية والمثقفه
– تركيز كوادر جدد تم تخريجهم واعدادهم في مراكز الدراسات الإيرانية .
– شفط مقدّرات النفط والآثار والأموال بأسرع وقت ممكن واعادة تهيئتها لبناء القوة العسكرية الإيرانية الحديثة .
– استعمال الجالية الشيعية العربية الموالية لدولة ” الولي الفقيه” كعملاء استخباريين ومجنّدين بإمرة وكلاء المرجعيات الشيعية المطاعة في العراق والمتنفذة في أوساط العشائر الشيعية.
– تشويش الأمن (المضطرب بطبيعته) في جميع أنحاء العراق ليكون الوصف ” العراق على صفيح ساخن” أكبر عناوين الصحف والجرائد ونشرات الأخبار المحلية والاقليمية والدولية .
وبعد الظفر بالمؤسسة العسكرية ومرافق الدولة الحساسة .. بدأ المشروع الإيراني الذي أبصر النور بعد تدمير العراق .. وبسواعد العراقيين من كوادر وطاقات ونخب علمية وثقافية وسياسية وعسكرية وتصنيعية . بالتمدد والانتشار ‚ وكان للشيعة العراقيين اليد الطولى والتضحيات الجسام في سبيل نشر وتصدير “الثورة الخمينية” التي كان العراق غصة في حلق منظريها .
و بدأ الاقصاء والتهميش للمناطق والمحافظات السنّية (أزمة الكهرباء- النفط والوقود- الصيرفة- الخدمات العامة..الخ) . بينما كان للاقاليم الاخرى على رأسها الاقليم الكردي النصيب الاكبر من الاستقرار والتنمية .
و تم صرف مليارات الدولارات على بناء المنطقة الخضراء التي تظم مركز الحكومة . وعانى السنة الفقر والارهاب في مدنهم التي كانت تمارسه المليشيات الشيعية من المداهمات والاقتحامات الليلية والاغتصابات والسرقات العشوائية و تهجير العوائل التي ثبت ” استشهاد احد أبناءها في مقاومة الإحتلال الامريكي .
وكشف ذلك جهارا بعد فتوى المرجع الأعلى الشيعي “علي السيستاني” بتحريم الجهاد ضد المحتل ووصفهم بالحلفاء والأصدقاء بينما وصف المقاومة العراقية بكل فصائلها بالمخرّبين والإرهابيين وبأنهم ” أذناب القاعدة” التي تسكن صحراء الأنبار وقتها .
واستمرّ الوضع كما هو الحال عليه حتى خروج القوات الأميركية من العراق بعد تكبيدها خسائر فادحة في الأرواح والماديات والعتاد وانعكاسات سلبية على اقتصاد الولايات المتحدة .لاتزال تعاني منه الآن .الأمر الذي كان يؤرّق البنتاغون ويجعله يحسب ألف حساب لأي تدخّل عسكري بري في أي دولة .
ومع خروج الإحتلال ( الشكلي) توسع الظلم والاضطهاد للمناطق السنية ومنع أبناءها من أبسط الحقوق المدنية كمواطنين عراقيين .(باستثناء من التحق بالصحوات التي تقاتل مع الحكومة “حكومة المنطقة الخضراء” .فهم.يتقاضون مرتبات بسيطة لا تتجاوز بضعة آلاف من الدولارات ..
وكانت اللحظة الحاسمة التي قلبت موازين الاحداث في العراق وعرّت المشروع الطائفي الشيعي الاجرامي .بعد ما يسمى ب “الربيع العربي” الذي بدأ في تونس في 14-1-2011.ثم انتقل لجمهورية مصر العربية في ما يسمى بثورة “يناير من العام نفسه . وسقط فيها نظامي “زين العابدين بن علي” في تونس و”حسني مبارك ” في مصر.
وانتقلت الموجة لتشمل ليبيا التي اختار فيها “معمر القذّافي” القتال حتى الموت وعاند الجماهير الشعبية الثائرة . ووصفهم ب”الجرذان والخونة” وتدخل حلف الناتو بانشاء حظر طيران على ليبيا انتهى بالقبض على العقيد و اعدامه ميدانيا في مشهد “مشبوه” تحوم حوله جملة من الشكوك والابعاد ..
وانتقلت الشرارة لسوريا التي انتهج فيها “بشار الأسد” سياسة الرّدع مع المطالبات الشعبية المتكررة . وسرعان ما ظهرت حقيقة النظام العلوي النصيري بارتكابه افضع الابادات لدرجة استخدامه للسلاح الكيماوي في الحولة وريف حماه وادلب وغيرها ..
وكانت هذه الحركات محفّزة للجماهير العراقية السنّية التي سئمت الظيم والانتهاكات (خاصة اعتقال النساء واغتصابهن في السجون) وتكاثر المعتقلات السرّية والدوريات والمداهمات وحظر التجوال في مناطقهم ..الأمر الذي أرّق معيشتهم . فاجتمعوا في ساحة الأنبار (أكبر الأقاليم السنية) مطالبين الحكومة بالكف عن عمليات التجريف البشري والتغيير الديمغرافي في المناطق والمدن تلك السياسة التي انتهجها المالكي نوري .رئيس الوزراء الأسبق للعبادي .حيث قال أمام وسائل الإعلام في تصريح استثنائي وغريب ” الحرب بيننا وبينهم حرب يزيديين وحسينيين وليس بيننا وبين القوم الا جبل من نار وبحر من دم” ..
وأطلق الجيش والمليشيات ( الفرقة الذهبية- قوات سوات- وحدات التدخل السريع- الشرطة- والمليشيات الشيعية التي تعمل بأوامر المالكي .فقتلوا العشرات ظنا منهم أن سيناريو مصر وانقلاب السيسي ومجزرة “رابعة والتحرير” ستتكرر ..وأنّ سنّة العراق سيصمتون في وجه القمع الحكومي الشيعي المدعوم والمدفوع من إيران.. فأعلنت عشائر السنة انتفاضتها على لسان المتحدث باسمها “الشيخ علي حاتم سليمان” أمير عشائر الدليم في العراق والتي تعتبر أكبر العشائر العراقية والتي يقدّر عددها بمايفوق الخمسة ملايين نسمة .
ومع ظهور “تنظيم الدولة الإسلامية” في العراق وسورية و تمدده الذي قضّ مضاجع الإيرانيين في طهران ..حيث تبخّر الجيش والمليشيات الإيرانية المقاتلة في الموصل في ساعات معدودة أمام مقاتلي هذا التنظيم المتنامي القوة .الذي أظهر مقاتلوه بسالة عجيبة و كفاءة وخبرة قتالية عالية غير مسبوقة ..حتى أصبحت استراتيجيات التنظيم ومناوراته القتالية تدرّس في الأكاديميات الحربية الأمريكية والبريطانية والفرنسية . تحسبا لأيّ طارئ قد تنتقل شرارته لعمق أوروبا على غرار حادثة “تشارلي ايبدو” الفرنسية . والتي اعتبرت انتكاسة وثغرة غير مغتفرة للأجهزة الأمنية الفرنسية ..
ومع سقوط حكومة “نوري المالكي” الذي لا يزال يدير دفة المليشيات الشيعية التي ترتكب جرائم فضيعة بحق أهل السنة العزّل والمدنيين على غرار ما يفعله “تنظيم الدولة الاسلامية” بالمقاتلين الافغان والباكستانيين واللبنانيين (حزب الله) والصحوات الداعمة لهم وللجيش الشيعي الايراني المسمى بالجيش العراقي ومليشياته المسلحة التي أطلق عليها “حيدر العبادي” رئيس الوزراء الحالي اسم ” الحشد الشعبي” والذي يعتبره اهل السنّة بالحشد الشيعي خاصة بعد جرائمه التي ارتكبها في المدن والمناطق والارياف التي دخلها بعد حربه مع “الدولة الاسلامية” كجرف الصّخر وتكريت و بيجي وغيرها والتي قام فيها الجيش العراقي والمليشيات الداعمة له بتطهير عرقي وطائفي وتجريف للبيوت وتفجير للمحال بعد نهبها .
ولا يزال الأمر كما هو الآن ..شد وجذب بين حكومة شيعية مدعومة من العالم بأسره وفي مقدمته إيران التي لا يتورع جنرالاتها وفي مقدمتهم “قاسم سليماني” في الظهور علانية في المناطق العراقية والسورية .. ولا يتورع مسؤولوا إيران في ادعاء حكمهم للعراق وسورية ولبنان واليمن الذي حاول فيه الايرانيون بث نفوذهم فيه والسيطرة عليه لتهديد المملكة العربية السعودية وعلى رأسها مكة والمدينة . ومع موت الملك ” عبد الله بن عبد العزيز” الذي عرفت سياسته بالانهزامية .. وتولي “سلطان بن عبد العزيز” مقاليد الحكم ..كانت أول سياساته الخارجية ضرب الذراع الايراني الشيعي المحيط به .فمثلت عاصفة الحزم صدمة للايرانيين الذين بدأوا الاحتفالات بظم “عاصمتهم العربية الرابعه على غرار بغداد ودمشق وبيروت . وكانت عاصفة الحزم هذه بمثابة بتر لذراع الاخطبوط الايراني المتمدد في الدول العربية والمتدخل في شؤون دوله الداخليه دون رادع وأمام أنظار ومسامع الأمم المتحدة التي مررت تجاوزات ايران تحت غطاء طاولة المفاوضات النووية التي انتهت بتنازل الغرب لايران وعدم اغلاقه للمنشآت النووية الحيوية على غرار منشأة “بوشهر” التي تعتبر تهديدا صارخا لأمن مياه الخليج في حالة حدوث زلزال أو تسرّب اشعاعي مقصود أو غير مقصود من الجانب الايراني …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

رأي/ غزة.. وكنت من الواهمين أيضا..

تونس – السفير – بقلم العيد القماطي كنت من الواهمين، في أنصار لهيب غزّة، أن يتص…