YOUR EXISTING AD GOES HERE

تونس – السفيربقلم: ظافر بالطيبي


بسبب الفساد السياسي والمحسوبية والرشوة.. وبعد خمس سنوات من الثورة، يموت رضا اليحياوي في ربيع العمر.. وقد كان كغيره من الشباب التونسي المعدم يمني النفس بعمل لائق وزوجة جميلة وبيت سعيد..

بسبب الفساد وطغمته الحاكمة والمتنفذة والقلة الصامتة المسكينة المغلوبة على أمرها، تتعمق الهوة كل يوم بين فئتين من الشعب ظاهرتين؛ قلة ميسورة وثرية تنعم بخيرات الوطن وأغلبية مقهورة مظلومة غارقة في الوحل والأزمات المالية والنفسية وحتى السلوكية.. الشيء الذي يضع السلم الأهلي في تونس على المحك رغم محاولات الإصلاح المحتشمة والمعطوبة..
بسبب هذا الفساد الذي استشرى في مفاصل الدولة كالنار في الهشيم ينتحر شباب تونس كل يوم شنقا وحرقا، بينما ينعم شيب البلاد وأبناؤهم وزمرتهم الناهبة بالرفاه والبذخ ورغد العيش..
وعندما تهب الجماهير الغاضبة لتتصدى لشيء من الظلم القاهر والغادر، تتمترس ضدها ماكينات الفساد والنظام الظالم من الإعلام والمنظمات والهيئات والأبواق المأجورة لتخلط الأوراق وتكبح جماح المحتجين والمنتفضين ضد الفساد ونظامه الغاشم..
وعوض أن تعمل الدولة بحكومتها العرجاء وسياستها الحولاء، على رأب الصدع وتقليص الفجوة وإنقاذ استمرارية المجتمع، إذ بها تختار استمرارية الدولة والنظام ومصالح الحكام. وعوض إيجاد حلول جذرية وعاجلة للعاطلين عن العمل والمهمشين وأصحاب الشهادات العليا، تسارع إلى إرضاء أجنحتها ولوبياتها المتمعشة من نقابات وهيئات وقطاعات دون أخرى عملا بمبدإ إسكات الأقوى والأكثر قدرة على المشاكسة بدل الأجدر بالحلول والإحاطة..
هذا ما قامت به بالضبط حكومة الأخطاء الاتصالية عندما تجاهلت الآلاف العاطلة عن العمل وقامت بزيادات عاجلة وغير مسبوقة لمئات الآلاف من الأمنيين دعما لعصاهم الموجعة تجاه الشعب المنتفض طلبا لحقه في العيش وثروات البلاد المنهوبة.
نفس الصورة تقريبا تتكرر عندما يقر وزير المالية المتباكي على ميزانية الدولة زيادات بالملايين لأجور أصدقائه من المديرين العامين للبنوك العمومية المفلسة.
عندما تكون سياسة الدولة في مثل هذه المرحلة بالذات بمثل هذه الطريقة، فحينما يعلم القاصي والداني أن الأمانة قد ضاعت والعقول قد أفلست وأتعبها التفكير في الحلول بينما إغراءات الفساد والفاسدين بين أيديها الغير آمنة..
لاشك أن ساعة الانهيار للأسف تقترب بسرعة فاقت توقعات العارفين بأحوال الدول وأهوال حاكميها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

رأي/ غزة.. وكنت من الواهمين أيضا..

تونس – السفير – بقلم العيد القماطي كنت من الواهمين، في أنصار لهيب غزّة، أن يتص…