YOUR EXISTING AD GOES HERE

تونس – الافتتاحية – ظافر بالطيبي

بعد أكثر من تسعة أشهر من هجوم المليشيات والمرتزقة الموالية للجنرال المتقاعد خليفة حفتر على طرابلس، وبعد التدخل التركي الحاسم، جاء الإعلان عن قبول وقف إطلاق النار بداية من منتصف ليل اليوم السبت، انتصارا للمبادرة التركية الروسية من أجل حقن دماء الأبرياء ووقف الاعتداء على العاصمة الليبية طرابلس وحكومتها الشرعية المعترف بها دوليا.

ولا شك أنّ نجاح المبادرة التركية الروسية ومعاضدتها من قبل روما، مثل صفعة قوية لدعاة الخراب والانقلابات بالمنطقة وبالأخص الإمارات ومصر وفرنسا التي دعمت الاعتداء على طرابلس بالمال والسلاح والعتاد والاستخبارات.

ورغم كل ما رافق التدخل التركي الأخير في القضية الليبية وإرسال أنقرة لأعداد من الجنود لمعاضدة حكومة الوفاق الشرعية المعترف بها دوليا، من رفض وانتقاد على المستويين العربي والدولي، إلاّ أنه سرعان ما تبيّن ما لهذا التدخل من فضل كبير في إحلال الهدنة والسلام وحقن دماء الأبرياء من الأطفال والشيوخ والمدنيين الذين تقصفهم طائرات الإمارات المسيّرة صينية الصنع بصفة شبه يومية في ضواحي طرابلس.

هذا النجاح التركي دليل على أنّ أنقرة نزلت ساحة الحرب والمفاوضات بثقلها وأنها جادة في التعاطي مع الملف الليبي كما هي جادة في حماية مصالحها وأراضيها سواء تعلق الأمر بحدودها البرية مع سوريا أو البحرية الاقتصادية مع ليبيا. كما هو دليل أيضا على مدى سفاهة كل المعارضين لتدخل تركيا في الأحداث بطلب من حكومة الوفاق الشرعية المعترف بها دوليا، حيث غيرت المعادلة على الأرض وعلى طاولة المفاوضات وأظهرت مدى كذب وجهل ونفاق المعادين وبعض الأحزاب والدول العربية التي كانت إما متورطة في سفك دماء الليبيين الأبرياء كليبيا ومصر والسعودية والإمارات وإما عاجزة عن التدخل وحماية الأشقاء والأجوار كتونس والجزائر.

بالإضافة إلى هذا الإنجاز التركي الذي عدّل أيضا من الموقف الروسي الذي ساند حفتر بالمرتزقة من شركة فاغنر الأمنية، فقد فرضت تركيا على ألمانيا دعوة تونس والجزائر إلى مؤتمر برلين المزمع عقده قريبا بخصوص ليبيا وهو انتصار آخر للدبلوماسية التركية التي فرضت تعديل المعادلة وجعلت من الجارتين تونس والجزائر تلعبان دورا أكبر في المنطقة ، في الوقت الذي كانت فيه بعض النخب الإعلامية والسياسية في تونس لا ترى ما يحدث في الدولة الشقيقة المجاورة والاستراتيجية اقتصاديا وسياسيا بالنسبة إلى تونس أو كانت تتجاهله معاضدة لجنرال متمرد خان العهد والميثاق والاتفاقيات وهاجم حكومة شرعية في خطوة انقلابية غادرة لا يبررها إلا الانقلابيون والهمجيون.

ويبقى الأهم في هذه المبادرة التركية الروسية لوقف إلاق النار في ليبيا وإجبار خليفة حفتر على القبول بها بعد أن رفضها في أول الأمر، هو حقن دماء الأبرياء وتجنب مزيدا من الدمار والخارب في البنى التحتية والمؤسسات الرسمية في انتظار ما قد تتمخض عليه المبادرات الدولية المقبلة من حلول سلمية قد توقف نزيف الحرب والدماء وتضع حدا للأطماع الغير مشروعة لبعض الدول في ثروات البلاد النفطية والطبيعية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

همزة: تونس مُفردة في محل جرّ.. بفعل فاعل مبني للمجهول..

تونس – السفير – ظافر بالطيبي يقول اللغويون أنّ الحال دائما ما يكون منصوبا، إلا…