YOUR EXISTING AD GOES HERE

تونس – الافتتاحية – ظافر بالطيبي


للسياسة أيضا طقوس ومناخات، أصبحت منذ أقل من عقد تتسم بالتقلبات والانقلابات تماما كالطقس والمناخ الذي تأثر بالانحباس الحراري وأصبحنا نرى الفصول الأربعة في يوم واحد أحيانا، ناهيك عن الكوارث الطبيعية بأنواعها، زلازل وفيضانات وموجات حر وبرد.

المشهد السياسي في تونس أيضا تأثر بالانحباس الحراري الناتج عن تلوث الوسط السياسي والاجتماعي والثقافي في البلاد، فرأينا في الفصل الواحد أنواعا و”أشكالا” من السياسيين والمثقفين والإعلاميين وأشباههم.. وسمعنا خطابات وخطب ومحاضرات في كل التناقضات التي قد تشهدها مصطلحات اللغة العربية ومعانيها.

لاشك أن المشهد والمناخ السياسي في تونس قد مسّه شيء من المسّ الديمقراطي، ومسته أشياء من التكلس السياسي والفكري والحزبي. فأصبح لدينا أحزاب ورقية وخطابات تحت الطلب وسياسيين “جوتابل” لا تتجاوز مدة صلوحيتهم محطة اتخابية واحدة.

في ذات هذا السياق تتنزّل ملامح المشهد السياسي الحالي بعد الانتخابات الأخيرة التي اسبشر بها hلتونسيون ويا بشرى ما دامت وفرحة ما تمّت، وبات الشارع التونسي المنهك يتطلع لمزيد من التقلبات والانقلابات والكوارث السياسية والسياسوية الشعبوية. فسرعان ما دخلت “المنتخبات” السياسية والحزبية الجديدة حلبة الصراعات والدسائس والمناكفات حتى تلك التي ظن ناخبوها أنها ستحفظ له ثورته وتعيد له كرامته المتلاشية منذ العقد الثاني من القرن الثاني.

وعوض أن يتفق هؤلاء المنتخبين الجدد للحكم على ما يتشاركونه من قيم ومبادئ وبرامج، راح بعضهم يتبرأ من بعض بل ويتآمرون على بعضهم باليل والنهار لإقصاء هذا الطرف أو ذاك. فأسقطت حكومة الحبيب الجملي وسقط معها نواب البرلمان بكتلها التي بدأت مبكرا صراع الديكة تحت القبة الخضراء، واتجهات الأمور إلى مزيد التأزم والتضييق حتى جاء الاسم المفاجئ الذي يذكرنا بظروف ظهور إسم يوسف الشاهد قبل سنوات بعد أزمة حزب النداء.

الفخفاخ هو الاسم الجديد الذي أعطاه الرئيس المستقل قيس سعيد الثقة لتشكيل الحكومة الجديدة بعد مشاورات مع الأحزاب وهو مقترح حزب يوسف الشاهد “تحيا تونس”. ولكن الرجل ليس إلا سياسي فشل حزبه في الظفر ولو بمقعد واحد في البرلمان وفشل هو في الحصول على خمسة بالمئة من أصوات الانتخابات الرئاسية الأخيرة التي كان أحد مرشحيها بمعنى أن الرجل ليس مقنعا في برامجه ولا توجهاته السياسية شعبيا على الأقل.

ولكن، يبدو أن التقلبات المناخية لفجائية السياسية التي تشهدها تونس أبت إلا أن تمطر فخفاخا في أوج الليالي السود التي يشهدها الشتاء التونسي. وكان توجهه متماهيا مع ما اشترطته عليه بعض الجهات التي دعمته ورشحته واختارته وهو حكومة بلا قلب تونس.

النهضة وشيخها، التي ربحت الانتخابات التشريعية ومسك رئيسها بزمام أمور مجلس باردو، كان لها رأي آخر. فبعد إسقاط حكومة الجملي، يبدو أن النهضة استوعبت الدرس وعرفت جيدا أنّ كل المنتخبات اللاعبة على ميدان السياسة الحالية في دوري 2020 متشابهة وأنها غير جديرة بالثقة المطلقة ولا حل يجمعها إلا حكومة وحدة وطنية تجمع الجميع في سلة واحدة بما فيها حزب عبير موسي إن اقتضى الأمر.

فبعد لعبة التيار وحركة الشعب لحكومة الجبيب الجملي ، لعب الشيخ هذه المرة، الذي شاخ وشاب شعره واشتعل شيبا في مصارعة الدسائس والمؤامرات وحبكها. ويبدو أنّ الحكومة المنتظرة بعد انتخابات 2019 باتت مهددة فعلا بالسقوط بعد تمسك النهضة بتشريك قلب تونس وإصرار الفخفاخ ومرشحيه على عزله. وبالتالي قد تردّ بضاعة ثلوث حركة الشعب وتحيا تونس والتيار الديمقراطي إليهم ويسقط الفخفاخ في فخ لعبة “الشيخشاخ” ويلتحق رسميا بالحبيب الجملي كرئيس حكومة ثان يتم إسقاطه برلمانيا..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

همزة: تونس مُفردة في محل جرّ.. بفعل فاعل مبني للمجهول..

تونس – السفير – ظافر بالطيبي يقول اللغويون أنّ الحال دائما ما يكون منصوبا، إلا…