YOUR EXISTING AD GOES HERE

تونس – رأي السفير
بقلم : الناصر الرقيق (إعلامي تونسي وناشط مدني)
رغم أني قررت منذ فترة الإنقطاع عن الكتابة و التفرغ للدراسة و البحث، إلا أنه بين الحين و الآخر أجد نفسي مضطرّا لهذا العمل المضني الذي و للأمانة لا أتقاضى عليه أجرا عدا أني أروّح به عن نفسي خوفا من الإصابة لا قدّر الله بتصلّب أو تيبّس في أحد شراييني من كثرة ما نشاهده و نسمعه من نخبة البلاد و خاصّة خاصتها.
كنت جالسا سعيدا في بيتي أترشف قهوتي و أطالع كتابا ،، التافهون…كيف يتخذون لهم مكانا تحت الشمس ؟،، و فجأة انقطع الكهرباء كعادته هنا في إفريقيا غرب الصحراء، دقائق معدودة و عاد الكهرباء لكن ظل بيتي مظلما خرجت للساحة أستطلع الأمر فوجدت جميع بيوت جيراني مضيئة إلا بيتي، رجعت للداخل و تثبت من “الأمبوبات” جمع “أمبوبة” فوجدتها جميعا محترقة بسبب عودة التدفق السريع و العالي للكهرباء.
جلست برهة من الزمن أفكّر فيما سأعمل، فالكتاب مشوق و لا أستطيع التوقف عن قراءته غير أن الوقت تأخر و لا أستطيع أن أجد “أمبوبة” لأن جميع المحلات قد أقفلت أبوابها، و بينما أنا شارد أقلّب في بنات أفكاري أبحث عن حلّ، إلى أن أشار لي قريني بأن أخرج للشارع المحاذي لبيتي، و بمجرد خروجي بان لي مراده، لعنه الله، فأمامي مسجد و كنيسة و كنيس و كلّها تضيء، “فالأمبوبات” بلا عدد يمكن حصره.
لم يكتف الملعون بذلك بل زاد في الوسوسة و دعاني لإنتزاع “أمبوبة” بدعوى أنّ بيتي أولى بها، لا أخفيكم أعجبتني الفكرة و مضيت أتقدّم نحو هدفي غير أني ما لبثت أن توقفت، فسألني لماذا توقفت فقلت له… طيّب مسجد، كنيسة و كنيس من أيّهم آخذ ‘‘ الأمبوبة ‘‘ ؟…أجابني واثقا من نفسه… هذه بسيطة.. من المسجد طبعا… قلت له و لماذا المسجد ؟… فقال لي لأنّه ‘‘بلا والي‘‘… فيا أيّها الأحمق لو نزعت ‘‘ أمبوبة ‘‘ الكنيسة ستتّهم بالإرهاب، و لو نزعت ‘‘ أمبوبة ‘‘ الكنيس ستتّهم بمعاداة السامية… و إنّي لك من الناصحين.
هكذا هي الأفكار الشاذة و المنحرفة لا تأتي إلاّ من شذّاذ و منحرفين حيث يسعى هؤلاء لإثارة الرأي العام بطرح أشياء قد تساهم نوعا ما في شهرتهم، فأن يدعو أحدهم لسرقة ‘‘أمبوبات‘‘ المساجد وهذه طبعا لم يسبقه لها أحد من منحرفي الأفكار حتى في عصور الانحطاط، فبلا شكّ أنه يبحث له عن مجد ليس ببالغه بما في جعبته من تفاهات، و أتحدّاه هذا المنحرف أن يدعو أيضا لسرقة ‘‘ الأمبوبات ‘‘ من الكنيسة أو من الكنيس مثلما دعا لذلك في المسجد.
ملاحظة : كتاب ،، التافهون… كيف يتخذون لهم مكانا تحت الشمس ؟،، لا وجود له في الواقع بل محض خيال منّي و ربما قد يصلح عنوانا ندوّن فيه كلّ ما تجود به علينا هاته العاهات الفكرية التي أبتلينا بها في بلادنا المنكوبة فكريّا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

رأي/ غزة.. وكنت من الواهمين أيضا..

تونس – السفير – بقلم العيد القماطي كنت من الواهمين، في أنصار لهيب غزّة، أن يتص…