YOUR EXISTING AD GOES HERE

تونس – السفير – ظافر بالطيبي

المشهد السياسي والأمني التونسي برمته على صفيح ساخن. مناكفات وجدالات وسجالات وخصومات ودسائس ومكائد وتصفية حسابات، بين مختلف الأطراف السياسية سواء حاكمة كانت أو حتى من تسمي نفسها بالمعارضة.

النهضة خلقت فتنة منذ البداية بترشيح رئيسها المثير للجدل للانتخابات التشريعية وتنصيبه رئيسا للبرلمان في وجود خصوم سياسيين لا يعترفون بالثورة ولا حتى بحق التنوع والاختلاف من مثيلات عبير موسي وأتباعها.

التيار الديمقراطي كسب رهانا انتخابيا باحترام فعقد عليه أنصار الثورة ومحاربة الفساد قبضتهم وتأملوا به خيرا ليكون خير ناصرا لهم وللمسار المتعثر، ولكن المطحنة السياسية اختطفت رموزه مبكرا ودخلت بهم في أتون معارك سياسية وهمية سرعان ما أصبحت معارك شخصية على غنائم الحكم والسلطة من المناصب والتحالفات النافذة.

أما عن حركة الشعب فقد استبشر بهم تيارا واسعا من الشعب كي يكون خير صوت للعروبة والهوية المتأصلة في الشعب التونسي منذ ما قبل الاحتلال الفرنسي الغاشم. فإذا بهم يصبحون رقما في معادلة التفرقة والمناكفات والفتنة بين مختلف الفرقاء مع استدعاء جدالات وسجالات تاريخية عقيمة لا فائدة ولا جدوى منها في ظل وضع البلاد الراهن.

وعن اتحاد الشغل فلا تحدث، فقد نصب كل قدراته في الإضرابات والتموقع مع هذا أو ذاك تماهيا مع بعض المواقف الفكرية والإيديولوجية تارة أو مع بعض المصالح الذاتية تارة أخرى. وهو يلعب مع ائتلاف الكرامة لعبة القط والفأر. ونسي فجأة “قفة الزوالي” وحريق الأسعار المستشري في كل القطاعات والمواد..

أما عن الرئيس وما أدراك ما الرئيس الذي نبضت مع فوزه قلوب الثورة الباهتة وخرج الآلاف يحتفلون بفوزه منشدين “نور الثورة في قلبي مازال حي” فإذا به يقتل ما تبقى من أمل الثورة في قلوبهم بعد زيارته المشهورة لدولة الاحتلال الفرنسي الغاشم وتصريحه المشين حول الحماية والاستعمار وقراراته واختياراته الغريبة والمتناقضة مع ما كان يقوله قبل الثورة والانتخابات، وعلى رأسهم اختياره للفخفاخ في الحكومة ناهيك عن فريقه في قرطاج وغير ذلك..

كل ذلك على ضوء واقع اقتصادي واجتماعي متحرك وحساس زادته جائحة كورونا صعوبة وكارثية.

إلا أن كل أولائك لم يعتبروا من الأخطاء وواصلوا الانسياق وراء الخلافات والاختلافات في ظل عشرات الجنائز التي باتت تشيع يوميا بسبب الجائحة، والأوضاع المعيشية المتفاقمة والمتردية، وشبح الإفلاس والأزمة الاقتصادية والمالية. بل أصروا على مزيد التقاتل والتناحر واللعب بالنار ولي الأذرع لاسيما بخصوص التحوير الوزاري الأخير وتجنيد العملاء التابعين لهذا الرئيس أو ذاك في الإدارات والوزارات والمؤسسة الأمنية بل وحتى الحكومة ذاتها الذي كانت منقسمتين إلى حكومتين، حكومة ولاؤها لرئيس الدولة وأخرى لرئيس الحكومة. ما جعل من الدولة تتحول بمؤسساتها السيادية والعادية إلى حلبة صراع حول النفوذ والصلاحيات في ظل مسعى من رئيس الجمهورية إلى تغيير نظام الحكم القائم على دستور 2014 وطرح نظام حكم مغاير غير مفهوم أشبه بنظام اللجان الشعبية في الشقيقة ليبيا سابقا إبان عهد القذافي.

ويبدو أن الوضع مرشح لمزيد التسمم والانفجار عبر التصريحات والتصرفات المشبوهة والغريبة من هنا وهناك، لاسيما بعد رفض قيس سعيد للتحوير الحكومي وقبول الوزراء لآداء اليمين بتعلات واهية ثمّ قضية محاولة تسميمه عبر ظرف مشبوه يبدو أنه لم يكن مشبوها ولا مسمما إلا في روايات بعض الراكبين على الحدث واللاعبين بمؤسسات الدولة ومستقبلها الذي بات فعليا على المحك كما لم يكن من قبل.

فهل هناك بالله عليكم، ظرف أكثر تسمما وانفجارا وخطورة من هذا الظرف الذي تمر به بلادنا اليوم؟ والذي لا قدر الله إن تفجر فعليا فلن يفرق بين هذا وذاك حيث يركب جميعنا في ذات السفينة ؟؟

أفليس منكم رجل عاقل أيها الحاكمون والمعارضون على حد سواء ؟؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

همزة: تونس مُفردة في محل جرّ.. بفعل فاعل مبني للمجهول..

تونس – السفير – ظافر بالطيبي يقول اللغويون أنّ الحال دائما ما يكون منصوبا، إلا…