YOUR EXISTING AD GOES HERE

السفير – وكالات

لم تخمد المواجهات في القدس منذ 12 يوما؛ بل اتسعت رقعتها من محيط باب العامود (أحد أبواب البلدة القديمة) لتشمل عدة أحياء شرقي المدينة رفضا للإجراءات الإسرائيلية، التي تزامنت مع حلول اليوم الأول من شهر رمضان، وحاول الاحتلال من خلالها تغيير ملامح مدرج باب العامود ومنع المقدسيين من التجمع فيه.

قد يبدو لدى البعض في بادئ الأمر أن المواجهات اندلعت على خلفية نصب الشرطة للسواتر الحديدية في المكان فقط؛ لكن المقدسيين يجمعون على أن المعركة الأساسية في باب العامود هي معركة على “الهوية”.

ويؤكد رئيس الهيئة المقدسية لمناهضة التهويد، ناصر الهدمي، أن المعركة بالدرجة الأولى هي معركة على الهوية، وأن ما أزعج سلطات الاحتلال ودفعها للقيام بكل ما قامت به من حواجز عسكرية وحديدية هو أن باب العامود أصبح أيقونة وطنية واجتماعية ليس للمقدسيين فحسب؛ بل للفلسطينيين كافة.

وأضاف الهدمي أن كل الإجراءات، التي استهدفت هذا الباب ومحيطه بعد هبّة باب الأسباط عام 2017، من تركيب لكاميرات مراقبة، وتثبيت 4 نقاط عسكرية، لم تثن المقدسيين عن التجمع في باب العامود باعتباره “الدفيئة” التي يلجؤون إليها للسمر والاحتجاج وممارسة الأنشطة الاجتماعية.

هذا الإصرار على الثبات رغم المراقبة التفصيلية لتحركات كل من يمر ويجلس في المكان أغاظ الاحتلال، وفقا للهدمي، خاصة أن هذا الباب يستخدمه اليهود للوصول إلى حائط البراق، واستمرار وجود هذا الكم الكبير من الفلسطينيين على مدرجه يشكل بالنسبة لهم خطرا أمنيا، لذا تسعى سلطات الاحتلال إلى تغيير هذا الواقع بشكل جذري.

تدمير التدفق المقدسي للباب

ويشير الهدمي إلى عامل آخر، يتمثل في أن باب العامود يعد الشريان الأساسي الموصل لأسواق البلدة القديمة، التي يعمل الاحتلال بشكل يومي على قتلها وإغلاق أبواب حوانيتها، وبالتالي “يخطط الاحتلال لتدمير التدفق الاجتماعي عبر باب العامود لقتل ما تبقى من الأسواق، والسيطرة على عدد أكبر من العقارات في البلدة القديمة”.

بيد أن السحر انقلب على الساحر، بحسب وصف الهدمي لما آلت إليه المواجهات في المدينة، التي توقع الاحتلال عدم تصاعدها، وأن تمر إجراءاته الأخيرة مرور الكرام؛ لكنه صُدم بتحدي الشباب المقدسي ووقوفه بصدوره العارية أمام أسلحته المختلفة.

ويخلص إلى أن الاحتلال “أساء التقدير، فتوقع أن تمر إجراءاته مرور الكرام؛ لأن المقدسيين منهكون بعد جائحة كورونا، وظنّ أنهم يريدون الهدوء والانتعاش الاقتصادي للمدينة بعد الإغلاق؛ لكنه تفاجأ بأن سكان المدينة ينتفضون، ولا يأبهون سوى بانتزاع حقهم في المكان”.

تهويد الفضاءات العامة

بدوره، أكد المحامي المختص في قضايا القدس، خالد زبارقة، أن المعركة الأساسية في باب العامود هي معركة على هوية هذا الباب.

وقال “من خلال متابعتي للسلوك الإسرائيلي، فهناك تصعيد في الإجراءات بالآونة الأخيرة لتهويد الحيز العام؛ ليس فقط في القدس، وإنما في كامل الأراضي الفلسطينية، والهدف جعل مسألة يهودية الدولة أمرا واقعيا وملموسا وله رموز في الحيز العام”.

وبالتالي، فإن الفلسطينيين الذين يسهرون في باب العامود في ليالي رمضان، يشكلون خطرا على الهوية اليهودية للباب بالنسبة لإسرائيل، وهو ما يجعلها تسعى لطردهم وإحلال يهود مكانهم؛ من أجل فرض واقع جديد ليس على باب العامود، وإنما على مجمل البلدة القديمة، وفقا للمحامي زبارقة.

ويضيف “يجب ألا ننسى أن خطة 2020، التي وضعتها الحكومة الإسرائيلية، تهدف في أحد بنودها إلى تهويد كامل البلدة القديمة، وهم يحققون ذلك من خلال فرض وقائع جديدة على الأرض بعد محو الرموز العربية في المنطقة”.

وحول ردة فعل المقدسيين تجاه الإجراءات الإسرائيلية الأخيرة، قال زبارقة إن الجميع اعتاد على أن المقدسيين هم رأس الحربة في معركة الهوية على القدس والمقدسات، وعلى رأسها المسجد الأقصى المبارك، وإن مظاهر البطولة الأسطورية التي أظهرها الشباب المقدسي منذ بداية شهر رمضان لا يمكن أن نجدها في مكان آخر، فالشباب “يواجهون يوميا تعزيزات عسكرية ضخمة بصدورهم العارية وبدون أي أدوات للدفاع عن أنفسهم، ويستطيعون بقوة إرادتهم وصلابة موقفهم أن يقهروا القوة الإسرائيلية الغاشمة”.

هل تتنازل إسرائيل؟

أما عن إمكانية أن تنزل إسرائيل عن الشجرة، وترضخ لرغبة الشارع، كما حدث في هبتي باب الأسباط وباب الرحمة، فيرى زبارقة أن سلوك الاحتلال يشير إلى أنه يريد تهدئة الشارع من جهة؛ لكنه لم يتنازل عن مخططاته من جهة أخرى، ويحاول إيجاد مخرج له من خلال الاستنجاد بالقيادات الدينية والشعبية لتهدئة الشارع.

ويختم حديثه بقوله إن الشارع المقدسي لا ينتظر أحدا في مسألة تحركه نحو الانتصار لقضاياه المصيرية، وأصبحت لديه تجارب غنية في كيفية التعامل مع سياسات الاحتلال والوقوف بوجهها.

والواقع أنه لا يمكن الآن التنبؤ بمستقبل هذا الحراك الشعبي، ومآلات تطوره؛ لكن هناك العديد من العوامل، التي قد تساهم في تصعيده، لا سيّما في ظلّ إصرار المتطرفين على تنفيذ اقتحام جماعي للمسجد الأقصى يوم 28 رمضان بمناسبة ما يسمى بـ”يوم توحيد القدس”، الذي يصادف ذكرى احتلال الجزء الشرقي من القدس وضمه إلى إسرائيل.

المصدر: الجزيرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

معارك غزة.. فرق نفسية لمواجهة الميول الانتحارية لدى الجنود الإسرائيليين

السفير – وكالات أكدت صحيفة يديعوت أحرونوت أن قسم التأهيل في جيش الاحتلال الإسرائيلي …