YOUR EXISTING AD GOES HERE

تونس – السفير – ظافر بالطيبي

للأسف الشديد قد بلغ منسوب العنف والحقد والكراهية في بلادنا نسبة غير مسبوقة وكأنّ الأمر قد دبّر بليل. وما شاهدناه قبل أيام في البرلمان ماهو إلا دليل قاطع على قرب وقوع الكارثة.

كل الفوصى الأمنية وبل الحروب الأهلية في التاريخ تسبقها موجات من الكره والتحريض والعنف الفكري واللفظي وهو ما نراه في بلادنا منذ الانتخابات الفارطة وصعود يمين متطرف شعبوي للبرلمان كرس كل وقته من أجل إثارة الفتن والنعرات الفكرية والسياسية مع الخصوم ونتحدث تحديدا عن الدستوري الحر ورئيسته عبير موسي وكذلك ائتلاف الكرامة من الجهة المقابلة ورئيس كتلته سيف الدين مخلوف وغيرهم.

فلا لغة في المشهد السياسي الحالي تعلو على لغة التحريض والتشويه والشيطنة من هذا وذاك بغض النظر عن المحق في الأمر أو المخطئ. بل ويعلم الجميع أن سياسيو المشهد الحالي ما هم إلا دمى متحركة بيد بعض القوى الأجنبية المتصارعة في بلادنا سواء القوى الاستعمارية القديمة وحلفائها وعملائها في الداخل في الإدارة والسلطة والإعلام، أو بعض اللاعبين الجدد الذين يبحثوا لأنفسهم عن موطئ قدم خدمة لمصالحهم التجارية والاستراتيجية..

ما وقع قبل أيام في البرلمان من حالة التهريج والتشويش غير المسبوقة من كتلة الحر لوقف التصويت على اتفاقية خارجية تخص صندوق التنمية القطري، وما صحبه من عنف من بعض النواب الذين ضاق ضرعهم من تصرفات زعيمة الكتلة الفاشية المرتبطة بأجندات فرنسا والإمارات والكيان الصهيوني، لهو مؤشر جد خطير عن بدء المرحلة الثانية من مخطط الفوضى “الخلاقة” الجديدة في تونس وهي مرحلة العنف الجسدي التي قد تسبق لحظة الاغتيال الثالث. خاصة أن بعض الأطراف الداخلية والخارجية عبرت منذ أشهر عن امتعاضها الواضح من عبير موسي وتصرفاتها اللامسؤولة وبرزت رغبة حتى في أوساط حزبها من أجل تغيير وتم فعلا إيجاد البديل عنها وهو كمال العكروت العسكري السابق والمستشار السابق للرئيس الباجي قائد السبسي والملحق العسكري السابق بالإمارات.

كل هذا في الوقت الذي يعيض فيه الشعب بين المطرقة والسندان، مطرقة الوباء القاتل وسندان الحكام المتصارعين على السلطة والنفوذ. فالمشهد السلطوي الحالي لا يقل تشويشا واضطرابا من المشهد السياسي، حيث يحتد الصراع بين رؤوس السلطة الثلاثة كل يوم رغم كل محاولات التهدئة ورأب الصدع من هنا وهناك داخليا وخارجيا، وهو ما يؤشر إلى الآن الواقع التونسي اليوم بات قاب قوسين أو أدنى من المشهد اللبناني بكل تفاصيله وتعقيداته. وأنّ لحظة الإرهاب أو الاغتيال الثالث الذي سيعيد خلط أوراق كل اللعبة السياسية في تونس من جديد بات أيضا أقرب إلينا من حبل الوريد. والفضل في ذلك يعود أولا وأخيرا لهذه النخبة السياسية التي أفرزتها انتخابات سنة 19، وارتباطاتها الداخلية والخارجية.

قد تكون عبير موسي اليوم بعد ما وصلت إليه من ترذيل للمشهد السياسي واستعداء واضح لـ”الإسلاميين” هدفا “مشروعا” استخباراتيا من أجل إضعاف ما يُسمونه “الإسلام السياسي” في تونس بعد تعنّت حركة النهضة في عديد القضايا والملفات ومزاحمة رئيسها لرئيس الدولة في الصلاحيات والدبلوماسية الخارجية وغيرها من الملفات والخفايا والكواليس التي حولت من أجنحة السلطة إلى أجنحة متكسرة تلطم بعضها بعضا في السر والعلن وبصفة شبه يومية ودوريّة.. فقد بات من المعلوم لدى التونسيين اليوم أن الاغتيالات السياسية هي مخططات خارجية لنيل مكاسب وأهداف داحلية وإن تمت شأنها شأن العمليات الإرهابية بأياد محليّة. وهنا يتوجب على الجميع الوقوف للحظة ومراجعة الموقف الراهن وتدارك الأمر قبل وقوع المحظور والذي لايشك اثنان اليوم أنه قيد التنفيذ بل وهو قريب منا أكثر من أي وقت مضى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

همزة: تونس مُفردة في محل جرّ.. بفعل فاعل مبني للمجهول..

تونس – السفير – ظافر بالطيبي يقول اللغويون أنّ الحال دائما ما يكون منصوبا، إلا…