YOUR EXISTING AD GOES HERE

تونس – السفير – ظافر بالطيبي

بعد أكثر من خمسة أسابيع من القرارات الاستثنائية التي اتخذها الرئيس قيس سعيّد، بعد تفعيله -وفق نظره- للفصل الثمانين من الدستور، مازال يصّر -الرئيس- في أغلب اجتماعاته لاسيما التي عقدها مع أطراف وجهات خارجية، أنّ ما قام به ليس انقلابا بل هو تفعيل لنص دستوري، كما كان الأمر مع الوفد الأمريكي الأخير مساء السبت المنقضي.

صحيح أن الأستاذ سعيّد مختص في القانون الدستوري، وأنه من الرؤساء المميزين الذين وصلوا سدّة رئاسة قرطاج، ولكنه مازال مصرا على التعامل مع الجميع بمنطق الأستاذ وطلبته بمعنى أن ما يقوله هو الصواب والحقيقة والمتفق عليه وما دونه خطأ ومغالطة.

بينما أنّ أدنى طالب في كلية الحقوق أو حتى كلية الآداب يمكن له أن يحدد ما إذا كان الرئيس فعلا فعّل نصا دستوريا تفعيلا يقتضيه النص والمعنى المقصود منه، أو أنه استغل ذلك النص ليخرجه عن سياقه ويؤوله وفق إرادته ورؤيته الشخصية. وهنا مكمن الخلاف والاختلاف.

فالفصل 80 من الدستور سيدي الرئيس لا يعطيك حق حل البرلمان ولا حق عزل رئيس الحكومة بل العكس هو الصحيح، حيث لابد للبرلمان أن يكون في حالة انعقاد دائم وتواصل الحكومة عملها تحت سلطة الرئيس وفق اجراءات استثنائية مؤقتة يتم التمديد فيها فقط عبر المحكمة الدستورية التي رفضتم إمضاء مشروع تنقيح قانونها قبل أشهر. ما يعني أنك سيدي الرئيس طوّعت الفصل لإرادتك وأخرجته عن القصد المراد منه وجمعت بيدك كل السلطات لغايات أخرى لا علاقة لها بالخطر الداهم رغم أنّ مبرراتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية قوية جدا . بينما كان عليك ترك البرلمان بما فيه من هنات وتشوهات ورفع الحصانة عن كل من تعلقت بهم الشبهات خروجا من الحرج والتأويلات ودائرة الخلاف والجدال..

كفى عنادا ومكابرة، للداخل والخارج، فنحن مواطنون في هذه البلاد لسنا بطلبة في مدرج حصة القانون الدستوري، ولا نحن رعايا في حظرة الزعيم الأوحد.

لذلك فهو انقلاب، سيدي الرئيس، وهو خرق للدستور أو تأويل خاطئ له في أحسن الأحوال، وان كان انقلابا كذّابا بمعنى أنه لم يكن عسكريا بالعصا والحديد ضد الخصوم والمعارضين بل مازال يحوم تحت راية القانون والدستور وإن تم خرق أحد فصوله.

ثمّ أنه لابد لنا اليوم ولك سيدي الرئيس، من تجاوز هذه التوصيفات المفرغة وغير النافعة، والحرص على العودة بالبلاد إلى كنف القانون والديمقراطية الحقيقية وإن كان بعد إصلاحات ضرورية قد يقتضيها واقع الحال اليوم كتنقيح القانون الانتخابي والاستفاء على تغيير النظام إلى رئاسي منقح قد يكون مخرج البلاد القادم من الأزمات السياسية والحزبية المتكررة والمتفاقمة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

همزة: تونس مُفردة في محل جرّ.. بفعل فاعل مبني للمجهول..

تونس – السفير – ظافر بالطيبي يقول اللغويون أنّ الحال دائما ما يكون منصوبا، إلا…