YOUR EXISTING AD GOES HERE

تونس – السفير

أكد القاضي بشير العكرمي أنه واجه بإرادة القاضي وتمسكه باستقلاليته ضغوطا كبيرة، منها فتح أكثر من ملف تأديبي ضده بضغط سياسي.

واشار العكرمي في حوار مع موقع عربي 21 امس الخميس 03 فيفري 2022 الى ان الوزير محمد صالح بن عيسى هددني بتوجيه اتهام سياسي في قضية الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي، وهو أمر رفضته لأنه ببساطة لا يوجد ما يوثق ذلك على المستوى القضائي.

وشدد العكرمي في حواره على أنه على ثقة تامة بمهنية القضاء التونسي وقدرته على إنهاء المظلمة التي قال بأنه يتعرض لها منذ عدة سنوات، لأنه رفض رد القضاء إلى مجال التوظيف السياسي الذي سعت له بعض الأطراف السياسية بعد الثورة في تونس.

وأوضح العكرمي  أنه يشعر بحزن شديد، جراء ما تتعرض له مؤسسة القضاء من محاولات هرسلة وترذيل وتوظيف سياسي غير مسبوق، معتبرا ذلك واحدا من مظاهر انهيار الدول والمشاريع السياسية الكبرى.

كما قال العكرمي: “لقد عملت في القضاء لـ 33 سنة في القضاء، أكثرها في متابعة القضايا الإجرامية الكبرى، بمهنية عالية لا يرقى إليها الشك، وحصلت على اعتراف جهات قضائية محلية ودولية بحرفيتي والتزامي بالقوانين وصولا إلى الحقيقة، ولم تمر على القضاء منذ اندلاع الثورة فترة مظلمة كالتي يتعرض لها هذه الأيام”.

وأشار العكرمي إلى أن مشكلته مع بعض الأطراف القضائية بدأت عمليا عندما كتب تقريرا عن الفساد الذي ينخر محكمة التعقيب، ومطالبته بضرورة البحث له عن علاج، وهو ما أثار عليه موجات من المواجهات قال بأنها “مستمرة إلى يوم الناس هذا دون أن تهدأ”.

وأضاف: “لم أكن سياسيا في يوم من الأيام، حتى أيام حياتي الطلابية لم تكن التيارات السياسية لتستهويني، كما لم تغرِني الأحزاب السياسية لا قبل الثورة ولا بعدها، بقدر ما كنت ملتزما بمعايير القضاء المهني الحرفي الذي تشربته منذ أيامي الجامعية وصولا إلى حياتي المهنية”.

وحول الاتهام الموجه له بأنه قريب من “النهضة”، قال العكرمي: “هذا ادعاء باطل تماما، فأنا لم ألتق في حياتي رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي أبدا، ولو كنت فعلا أرغب في العمل السياسي فإنه كان بإمكاني الانسحاب من القضاء لأتفرغ لذلك، وهو أمر أصبح متاحا بعد الثورة”.

وأشار العكرمي إلى أن “هذا الاتهام جاء على خلفية قضايا الاغتيالات السياسية، والتي تستعد الجهات الواقفة خلفها للتصعيد بشأنها هذه الأيام، في مسعى لتحويل المحاكم التونسية إلى ساحات للصراع السياسي، وهو أمر رفضته منذ وقت مبكر”.

كما اكد العكرمي ان “الأحزاب السياسية اليسارية ممثلة في هيئة الدفاع عن الشهيدين أي في مجموعة المحامين الذين يمثلون القائمين بالحق الشخصي ومنهم الأحزاب التي ينتمي لها الشهيدان تعتبر أن مسار القضية لم يحقق الغاية منه المتمثلة في الكشف عن المسؤول سياسيا عن الاغتيال وذلك نتيجة لهيمنة قضاة النهضة ممثلين في بشير العكرمي على الأبحاث، وهذا أمر لا يمتلك أي صدقية والمحاولة كانت للضغط لا أكثر ولا أقل”.
واضاف العكرمي بالقول:  “الغريب والمثير للدهشة فعلا، أن القضايا جميعها تقريبا التي أتابع بشأنها رفعها ضدي حزب الوطنيين الديمقراطيين المعروف بميوله اليسارية فقط لأنني رفضت توجيه اتهام سياسي لأطراف بعينها دون دليل”.

كما اشار الى انه “سنة 2015 حصل تلاقٍ موضوعي بين هذا الشق، أي هيئة الدفاع والنقابات الأمنية في استهدافي، من خلال حملة “الأمن يشد والقضاء يسيب” على خلفية ملف الاعتداء الإرهابي على متحف باردو انخرط فيه نواب الشعب للأسف الشديد، في الجهة المقابلة شق كبير من القضاة اعتبر الاستعمال السياسي للقضايا غايته الزج بالقضاء في الصراع السياسي وهو استهداف لاستقلالية القضاء”.
وتابع العكرمي قائلا: “لقد جاء قرار الدائرة القضائية الاستئنافية بالمحكمة الإدارية، المتعهدة بالنظر في اختصاص النزاعات المتعلقة بالمجلس الأعلى للقضاء، بتاريخ 20 كانون الثاني (يناير) 2022، حكما ابتدائيا في القضية المتعلقة بإيقافي، يقضي بقبول الطعن شكلا وأصلا وإلغاء القرار المطعون فيه وبحمل المصاريف القانونية على المجلس الأعلى للقضاء، وهو قرار يكشف زيف الاتهامات ويؤكد الطابع السياسي للملاحقة ويراجع التعليق على القرار المنشور بالمفكرة”.

واستعرض العكرمي مسيرته القضائية في التعامل مع القضاء الدولي، لا سيما في قضيتي تفجيرات سوسة وباردو في العام 2015، حيث كان ضحايا التفجيرات الأولى أكثرهم من البريطانيين بينما كان ضحايا باردو ينتمون لنحو 12 دولة غربية وأفريقية.

واشار العكرمي بالقول “لقد تصدرت التحقيق في القضيتين بالتعاون مع الشرطة البريطانية (سكوتلنديار) والقضاء البريطاني، وكذلك مع القضاء الأوروبي في لاهاي، وكان تعاوني معهم مهنيا وحصلت على اعتراف منهم بذلك، وتم تكريمي في لندن ولاهاي على الجهد القضائي الذي قمت به في الكشف عن خفايا الهجومين الإرهابيين في سوسة وباردو، وهي شهادات أفخر بها وأعتبرها من أجمل ما أنجزت خلال حياتي المهنية”.

وأضاف العكرمي قائلا: “عندما أقارن بين الشهادات الدولية التي أقرت بمهنيتي وعدالتي وبين المظلمة التي أواجهها منذ عدة أشهر، أشعر بحزن شديد فعلا، لأن هناك محاولات لتسييس القضاء وترذيله وتحويله إلى واحدة من أدوات الصراع السياسي، في حين أن مؤسسة القضاء هي الركن العتيد الذي يلجأ إليه الجميع لإقرار العدالة”، على حد تعبيره.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

تمديد الاحتفاظ بإطارين من وزارة المالية بشبهات فساد

تونس – السفير  أذنت النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بتونس لأعوان الوحدة الوطنية…