YOUR EXISTING AD GOES HERE

تونس – السفير

اعتبر المفكّر والفيلسوف التونسي فتحي التريكي في تصريح لموزاييك اليوم السبت 26 مارس 2022، أنّ تونس تمر بحالة استثنائية لم يتضح خلالها أي نوع من الديمقراطية يريده رئيس الجمهورية قيس سعيد، داعياً في السياق ذاته إلى نقاش عمومي يُفتح فيه المجال إلى أهل القانون والقضاة والمفكرين الاقتصاديين والفلاسفة والمثقفين بصفة عامة لمناقشة قضية الديمقراطية في تونس “حتى لا نخطئ مرة أخرى في إرسائها”، وفق تعبيره.

كما دعا الفيلسوف التونسي، خلال محاضرة عن “التفكير في الديمقراطيّة اليوم”، نظّمها “معهد تونس للفلسفة وكرسي الأيسسكو للعيش المشترك”، ضمن ندوة “الفلسفة التطبيقية”، إلى ضرورة اعتماد ديمقراطية إجرائية وتمثيلية، “تؤدي إلى برلمان مع المحافظة على الأحزاب والمؤسسات التي جاءت بعد نضال كبير جدا دام قرنين ولا يمكن أن نمحوه بجرّة قلم، مع المحافظة على السيادة الشعبية والحراك الشعبي من خلال نموذج “الديمقراطية النشيطة”، وفق قوله.

فتح باب الحوار

وببّن التريكي أنّ تونس تعيش تجربة هامة فيما يخص الديمقراطية “والتي ما تزال في مرحلتها الأولى والمتمثلة في دراسة إمكانية تطبيقها حول قضايا كبرى من بينها قضية الدستور والمجتمع المدني والمؤسسات والأحزاب”، داعيا إلى “ضرورة فتح المجال للجميع حتى يناقش هذه القضايا وتكون مشغل المفكرين والفلاسفة”. 

واقترح نفتح الباب أمام فكرة الديمقراطية التشاركية أولا ثم الديمقراطية النشيطة ثانيا باعتبارها لا تختزل الديمقراطية في بعض القوانين وفيما يمنحه الدستور من إشكالات، بل تتجه أيضا إلى الإرادة الشعبية وسيادته وتحاول أن توفق بين الضرورات الكبرى للقوانين والدستور من جهة وإرادة الشعب التي لا يمكن أن تتضح إلا بالحراك في الشارع، وفق تقديره.

أنواع الديمقراطية 

وأشار الفيلسوف التونسي فتحي التريكي إلى وجود ثلاثة أنواع من الديمقراطية المُطبّقة في بلدان العالم، وقدّمها كالآتي:

-الديمقراطية الاسمية:  تتجلى في تسمية البلاد الفعلية وفي دستورها أو في نصوصها الرسمية دون أن يكون هناك تطبيق واضح لمبادئها ودون احترام القواعد العضوية للممارسات السياسية، وهي تعتبر ديمقراطية الواجهة وبإمكانها أن تذهب إلى حد وضع صيغ مفرغة من جوهرها على الساحة السياسية والمدنية وتحاكي الديمقراطية الحقيقية من أحزاب معارضة ولكنها تكون مراقَبَة ومحاصرة ومشلولة، ونقابات لكنها سيئة القيادة، ومنظمات وطنية لكنها صورية، وبالتالي تكون هناك سياستين مطبقتين في الديمقراطية الاسمية، الأولى من أجل الاستهلاك الخارجي تسعى إلى تطبيق صورة مقبولة أما الثانية فهي تسعى إلى التحكم في تلابيب المجتمع تجنبا لأن تتحول إلى مجتمع مدني.

-الديمقراطية الإجرائية:  وهي الديمقراطية في معناها الحديث وهي تقنية عبر إجراء تصويت الأغلبية وإصدار قرارات تسلطُ على كل عضو في المجتمع مهما كان رأيه، ويمكن أن تنزلق ضمن شعبوية نحو إقرار مطابقة بين الإرادة الشعبية وخيار الأغلبية بل قد تذهب إلى الأكثر فتكون لجانا شعبية وتعفي سلطة الأغلبية من كل شكل رقابي، هكذا فإن الاقتراع العام والانتخابات والتصويت الديمقراطي هي التي تشكل أنجع الوسائل للاحتراز من الاستبداد والاستيلاء على دواليب الدولة مِن قِبل مجموعة مصلحية أو من قبل فرد مهما كانت وضعيته وذلك لحماية الحرية.

وقد يكون أكبر عيب في الديمقراطية الإجرائية هو إفراغ نظرية الديمقراطية من مضمونها الفعلي لاختزالها في مجرد إجراءات تُخضِعُ النخب السياسية إلى رقابة معينة وتفتح إمكانيات الصراع بين الأحزاب والكتل للفوز بالسلطة، وتحتفظ هذه الديمقراطية الإجرائية بقاعدتها الأولى وهي الحرية ولكن في مظهرها السلبي فقط أي الحرية من حيث هي غياب الإكراه وتغفل عن جانبها الثاني وهو العقل، ولا يمكن أخلقة الممارسات السياسية إلا عبر تخليص من استبداد المجموعات الائتلافية البرلمانية والمجموعات المصلحية الدينية والمجموعات الائتلافية المالية والاجتماعية وغيرها داخل البرلمان وخارجه.

-الديمقراطية التشاركية: ديمقراطية تحيي الحريات الأساسية أكثر وأفضل من الديمقراطية الإجرائية بما أنها تحاول رسم مجموع الحقوق الأساسية لا في الدستور فقط لكن أيضا خارج الدستور عبر ممارسات المجتمع المدني وتؤسس النشاط السياسي على مبادئ فكرية وفلسفية وأخلاقية مقبولة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

تمديد الاحتفاظ بإطارين من وزارة المالية بشبهات فساد

تونس – السفير  أذنت النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بتونس لأعوان الوحدة الوطنية…