YOUR EXISTING AD GOES HERE

تونس – السفير – ظافر بالطيبي

لا يختلف إثنان اليوم لاسيما من أصحاب الكفاءة والخبرة السياسية، ومراقبي الشأن التونسي عموما، أن البلاد تمر بمرحلة حساسة جدا تزداد صعوبة وتدهورا يوما بعد يوم، وخصوصا على المستوى الاقتصادي والاجتماعي..

وضع عسير جدا لا شكّ في ذلك، زادته الانتخابات التشريعية الأخيرة سوءا على سوء. انتخابات لم تشهد لها البلاد مثيلا منذ الاستقلال إلى اليوم من حيث قلّة المشاركة التي ترجمت غضبا ويأسا شعبيّا واسعا من العملية السياسية في تونس. فالعزوف عن المساهمة في صنع المشهد السياسي عبر ممارسة حق الانتخاب ترجم مدى سخط الأغلبية الشعبية الصامتة إزاء الوضع السياسي الغامض والمعقّد..

رئيس يتكلّم كثيرا ويعد كثيرا ويهدد الأعداء والخونة والعملاء كثيرا، ولكنه ييبدو عاجزا عن الفعل لأسباب غامضة وغير معلومة رغم أنه جمع كل السلطات بين يديه.. وحكومة تعمل قليلا ولا نكاد نسمع لرئيستها صوتا أو حتى همسا، وتعوّل على صندوق النقد الدولي لحل مشاكلها وسدّ عجزها المالي ونفقاتها.. غلاء مطرد في الأسعار وغياب لمواد أساسية في ظل تبشير السلطة الجديدة برفع الدعم عن المواد الأساسية وتحميل الشعب فاتورة نهب الدولة وسوء التصرف في مواردها لسنين أو عقود كاملة من الزمن خلت..

حريات محاصرة وتراجع كبير على مستوى حقوق الإنسان في ظل تزايد عمليات الهجرة غير النظامية وتفاقم نسبة التضخم وارتفاع منسوب فقدان الأمل في العيش الكريم خاصة لدى فئة كبيرة من الشباب..

أسباب كثيرة ومختلفة ومعقّدة جعلت من التونسيين يفقدون الأمل في التغيير إلى الأفضل، ويفضلون الابتعاد عن التورط مجددا في صنع مشهد سياسي متعفن أوغير فاعل ومفيد بالنسبة إليهم على الأقل.. ما جعل أصوات ما يسمون بالمعارضين من الأحزاب أو الشخصيات الوطنية أو المنظمات الكبرى على غرار اتحاد الشغل الذي زاد من حدّة انتقاده للرئيس والحكومة، وغيرها ترتفع للنداء بضرورة عزل الرئيس أو ابتعاده عن المشهد لتحمله رأسا فشل العملية الانتخابية التي وصفوها أنها سحب للتفويض الشعبي منه بصفة غير مباشرة. وكل منهم يبحث عن حلّ وفق رؤيته المصلحية الخاصة والذاتية في محاولة الاستفادة من وضع جديد مرتقب يمكن الاستفادة منه بعد أن أبعد الرئيس جلهم وانفرد بقراراته وتسييره للدولة وفق منهجه وعقيدته السياسية الخاصة.

ويبدو أن البلاد في ظل هذه الأوضاع وهذا الفشل السياسي الجديد، قد دخلت نفقا آخر وهي تحاول التعافي والخروج من النفق القديم الذي دخلته على مدى السنوات الماضية نتيجة نخبة سياسية حاكمة انتهازية وفئوية. وهي مؤشرات وإن جمعت تدلّ على ان البلاد إضافة إلى روح الوحدة والتآزر من أجل البقاء ومصلحة البلاد العليا لا غير، تحتاج شخصية قوية وجامعة وقادرة على الفعل السياسي داخليا وخارجيا من أجل فتح طريق الخروج من الأزمة وبدء عملية التعافي التي قد تستغرق بدورها فترة من الزمن.. ولكن الخوف والخشية أن تكون النخبة الحالية لا يمكن أن تفرز مثل هذه الشخصية في ظل التنازع الحزبي والإيديولوجي وإصرار من يغذيه من الأطراف الخارجية التي لا تريد للبلاد أن تتعافى من مرضها حتى تؤمن أقصى ما يمكن من مصالحها الخاصة ولاسيما منها المصالح الاقتصادية..

فمن لهذه البلاد غير ربّ العباد..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

همزة: تونس مُفردة في محل جرّ.. بفعل فاعل مبني للمجهول..

تونس – السفير – ظافر بالطيبي يقول اللغويون أنّ الحال دائما ما يكون منصوبا، إلا…