YOUR EXISTING AD GOES HERE

تونس – السفير – ظافر بالطيبي

يقول اللغويون أنّ الحال دائما ما يكون منصوبا، إلا في تونس فقد أخطأوا، فالحال فيها مكسور مجرور، حال شعبها بشبابها وشيبها واطفالها وكل طبقات وفئات المجتمع الذي لم يعد مجتمعا على شيء ما عدا اجتماعه على رفوف السكر والزيت والحليب والقهوة وغيرها في المساحات التجارية الكبرى..

مجتمع لم يعد يجتمع على مصلحة وطن ولا اجيال قادمة، وقد فرّقته خطابات الكراهية والشعبوية والتفريق من أعلى السلطة إلى ادنى فئات شرائح اجتماعية باتت تعيش الوهم والحلم وأحيانا بطولات زائفة على منصات التواصل الافتراضية لا أكثر..

مجتمع معتلّ أفعاله من قبيل اللفيف المفروق، وأسماؤه محكومة بحروف نصب وجر منحرفة.. تسلّط عليه فاعل بفعل غير صحيح ولا سالم ومبني للمجهول شأنه شأن مستقبل البلاد والعباد.. فلم يعد الفاعل فاعلا ولا المفعول به مفعولا ولا الحال حالا والمبتدأ بات مبتدأ ولا الخبر خبرا غير أخبار السوء والفواجع..

بل لم يبق من كل الوظائف والأشكال غير التمييز.. تمييز بين “الصادقين الشرفاء” و”الخونة الفاسدين”.. وهلمّ جرا وشرّا..

في تونس التي لم تعد تؤنس اليوم للأسف، سقطت كل الظروف مع الوظائف والأحوال، فلا ظرف الزمان ظرفا ولا بقي للمكان مفعولا، فلم يبق غير ظرف الفقر والجوع والقهر والتهميش..

الماضي فيها يريد العودة ليحل محل مستقبل البلاد وما فيها، والمستقبل سقط بسينه وسوفاه، وبات ماضيا ولّى وانقضى.. فهي بلا مستقبل ولا حتى مضارع، ويتهددها ماض أسود بالرجوع والانتكاس..

الفاعل فيها فقد محلّ فعله وضاعت ضمّته وهيبته، بل وصار مفعولا به يُلطم بالكسرة والفتحة في كل فعل وقول وخطاب.. وضاع فيها الإعراب بفعل العُرب والأعراب وتآمر الغرب الغراب.. وصار فيها العمل والإنجاز مبنيا للمجهول بفعل فاعل جاهل جهول، في جميع المناصب والمحلات حتى سقط فيها الصرف وأصبح دينارها ممنوعا من الصرف والانصراف فلا يكاد يُسمن أو يُغني من جوع حتى فاضت الأعين بالدموع..

هكذا أصبح حال البلاد وكذا العباد، قصعة تكالب عليها الأوغاد.. لا هي تقدّمت ولا بقيت في محل الابتداء، وقد صابها من بعض أهلها الداء والوباء وصعُب فيها طلب الدواء.. سقط فيها الفعل والإعراب والبناء ونُصبت فيها النُصب والأنواء..

فلا علا شأنها زمن إبن علي، ولا في عهد الراشد قد رشُدت. وقد قادها السبسيُّ حتى تفرّقت حتى جاءها السعيد فجاعت وحزُنت..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

من المشرق لشمال إفريقيا.. تغيّرات خطيرة في المناخ على الأرض لا تبشر بخير.. والقادم قد يكون أسوأ.. !!

تونس – السفير – ظافر بالطيبي يلاحظ كل سكان العالم اليوم بعين مرتقبة وقولب وجلة…