YOUR EXISTING AD GOES HERE

تونس – السفير
كشفت فضيحة ما يسمى بسويسليكس عن عدة حقائق ولعل أهمها الطرق المتوخاة لتهريب الأموال وتدويرها من مؤسسة الى أخرى ومن بلد بلد اخر كما كشفت عن تراخي المشرع التونسي في مواجهة عمليات تبييض الأموال التي حذرت منها الهيئات الدولية التي وضعت في تونس في المقدمة.
اما الاكتشاف الاخر والأكثر ايلاما فان عددا من أسماء رجال الاعمال الذين وردت أسماؤهم في القائمة كانوا تمتعوا في السابق باسقاط ديونهم تحت غطاء قانون 1995 الذي بعث خصيصا للتلاعب بالقروض التي حصل عليها هؤلاء من البنوك العمومية وهو ما أشار اليه تقرير الهيئة المستقلة حول الفساد والرشوة التي ترأسها المرحوم عبدالفتاح عمر » لقد اثبتت الاستقصاءات والتحريات التي قامت بها اللجنة ان بعض المسؤولين عن البنك الوطني الفلاحي قد تصرفوا بصورة لا تتماشى ومصالح البنك سواء في منح القروض او اسقاط الديون وذلك باذن من رئاسة الجمهورية وتدخل مباشر من طرف م .ص الذي كان يتولى تمرير تعليمات الرئيس قصد تمكين الأشخاص الذين تربطهم علاقات عائلية او قرابة او صداقة او مصاهرة بالرئيس السابق من امتيازات غير قانونية ويتضح من الكشف التفصيلي لالتزامات العائلة المقربة ان مجموع التسهيلات البنكية والقروض الممنوحة لهم قد بلغ 323 مليون دينار من جهة أخرى تبين سوء التصرف من خلال التخلي عن ديون كانت محمولة على عدة اطراف من الاقرباء والأصدقاء والمقربين بتدخل من رئاسة الجمهورية عن طريق م ص سواء مباشرة لدى مسؤولي البنك او عن طريق البنك المركزي وذلك بالاعتماد أساسا على قانون 1995 الذي بعث لإنقاذ المؤسسات التي تشهد صعوبات اقتصاديةاستغلال هذا القانون لقضاء مارب خاصة وقد احالت اللجنة هذه الملفات على النيابة العمومية بتاريخ 8 جويلية «
وخلال شهر مارس الماضي نشر المقرر العام للجنة الإصلاح الإداري ومكافحة الفساد بالمجلس الوطني التأسيسي نجيب مراد قائمة بأسماء رجال أعمال المُدانين لدى البنوك العمومية.
وأوضح مراد أن 126 رجل أعمال تحصلوا على حوالي 7 ملايين دينار من البنوك العمومية منذ عهد زين العابدين بن علي دون ارجاعها الى اليوم
ومن بين الأسماء الواردة في هذه القائمة تم الكشف عن مؤسسسة الاخوة مزابي التي تدين لدى البنوك العمومية بقيمة 186 مليون دولار التي سنجد اسمها متداولا في قائمة البنك السويسري ففي جانفي 2004 تمّ فتح حساب بنكي باسمه. وقد بلغ أعلى مبلغ مضمّن في حسابه نحو 9684403 دولار
ولم يتوقف الامر عند هذه المؤسسة اذ سنجد مجموعة هائلة من اشقاء زوجة الرئيس السابق ليلى الطرابلسي الذين تمتعوا في وقت سابق بعدة عمليات لاسقاط ديونهم في وقت كانوا يهربون أموالهم خارج الأراضي التونسية
فمنتصر المحرزي وهو زوج سميرة الطرابلسي فقد ورد اسمه ضمن قائمة البنك السويسري سنجده تحصل سنة 2010 على اسقاط متخلدات ديون بقيمة 647 الف دينار من البنك الفلاحي.
اما محمد الناصر الطرابلسي فقد اسقطت متخلدات ديون لدى البنك الوطني الفلاحي قيمتها 302 الف دينار لقرض مباشر وبدون فوائد – سنعود في وقت لاحق لقائمة رجال الاعمال الذين اسقطت ديونهم في ظل قانون 1995 – والذي أدى الى ما تعانيه البنوك العمومية اليوم من تعثرات متواصلة
طرق ووسائل التهريب
كشف الخبراء عن كيفية قيام عمليات التهريب وتحويل الأموال إلى سويسرا، ثم إلى الملاذات الضريبية التي تخضع فيها الأموال للسرية ولإعفاءات ضريبية. وقد كشفت الوثائق المسربة أنه بتاريخ فيفري 2005، أشعر البنك السويسري ه أس بي سي زبائنه بمن فيهم المودعون التونسيون أن رسما أوروبيا جديدا سيتم فرضه قريبا على الادخار، ونصح البنك هؤلاء بأن هنالك آليات وطرقا وبدائل يمكن اللجوء إليها لتفادي دفع الرسوم والضرائب الجديدة على الأموال المودعة، ومن ثم القيام بتهرب جبائي، ويشترط في الشخص المعني أن تكون لديه ودائع بمليون أورو كحد أدنى، وللقيام بذلك يقوم الشخص المعني بالاتصال بالبنك في جنيف أو لتجنب ظهوره على الواجهة يكلف وسيطا ماليا، لتنظم العملية في إحدى العواصم الأوروبية وبالأخص باريس، حينها يستفيد الشخص المعني من فتح عدة أرصدة أو حسابات لضمان السرية ويعطى له رمز خاص دون ذكر اسمه، بعدها يتم تحويل الشخص المادي إلى شخصية معنوية أي مؤسسة وهي شركة وهمية في الغالب، يتم تقييدها أو تسجيلها في دول أو مناطق تعرف بالملاذات أو الفردوسات الجبائية مثل باناما وجزر كايمان والجزر العذراء وغيرها، حينها يسمح للشخص بسحب أمواله بسهولة دون أن يقدم تبريرات، كما أنه يستفيد من السرية الكاملة ويتفادى تحديد هويته ويخفي أيضا موارده المالية التي لا تخضع للمراقبة والضريبة أو يعاد تبييضها سواء أكانت أموال رشوة أو عمولات أو تهريبا أو غيرها
البنك الدولي يؤكد
أكد البنك الدولي في تقرير له في مارس الماضي أن ربع أرباح القطاع الخاص في تونس كان حكرا على عائلة الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي وذلك بفضل تشريعات وضعت خصيصا لحماية مصالحها
وقال البنك في تقريره إن « النظام التونسي السابق كان يستخدم الأنظمة القائمة ويضع أخرى جديدة لكي يستفيد منها أفراد العائلة (عائلة بن علي) والمقربون من النظام »
وأضاف البنك الدولي أن عائلة الرئيس المخلوع كانت تحتكر في نهاية 2010 « أكثر من 21% » من مجمل أرباح القطاع الخاص، وذلك عبر شبكة من الشركات التي كانت تخضع لإدارتها المباشرة. وكانت تلك الشركات تزدهر على حساب غيرها بفضل تشريعات وأنظمة وضعت خصيصا لحماية مصالحها
وجاء في تقرير البنك الدولي أن خلال السنوات العشر الأخيرة من حكم بن علي تم تعديل « قانون حوافز الاستثمار » 25 مرة، وذلك بهدف الحد من دخول استثمارات إلى السوق التونسي و »حماية مصالح العائلة (الرئاسية) من المنافسة »
وأوضح التقرير الذي شمل دراسة 220 شركة كانت تابعة لعائلة بن علي، أن بقطع النظر عن القطاع الذي كانت تعمل فيه هذه الشركات (عقارات، اتصالات)، فإن حصتها من السوق كانت تزيد في المعدل بنسبة 6,3% عن حصة أي شركة أخرى منافسة لها
وأكد بوب ريكرز أحد معدي التقرير أن تدخل الدولة في السياسة الصناعية في عهد بن علي كان « ستارا لإخفاء حالات ريع »، لافتا إلى أن الانفتاح الاقتصادي لتونس الذي أشاد به المجتمع الدولي يومها لم يكن سوى « سراب »
وإذ أفاد التقرير بأن البنك الدولي نفسه، إضافة الى صندوق النقد الدولي، عمدا مرارا إلى الاشادة بمعدلات النمو الاقتصادي المرتفعة التي كانت تحققها تونس معتبرين إياها « نموذجا لدول نامية أخرى »، أوضح أن المنظومة الاقتصادية التونسية كانت تعاني من « اختلالات خطيرة » عديدة بينها خصوصا الفساد
وذكر التقرير بأن النظام الجديد في تونس صادر 550 ملكية عقارية و48 سفينة ويختا و367 حسابا مصرفيا وحوالى 400 شركة كانت جميعها تتبع لعائلة بن علي
ما الذي تغير اليوم
تقرير حديث، نشره للبنك الدولي مطلع هذا العام أي بعد اربع سنوات عن سقوط نظام بن علي يؤكد أن شيئا لم يتغير او يكاد فالوضع التشريعي في تونس قبل وبعد الثورة يشجع على هامش المناورة في إدارة شبكة التشريعات والتشجيع على المزيد من الفساد الذي يخنق المبادرة الاقتصادية و الابتكار. كما أكد أن الفساد قد تفاقم بعد الثورة صلب الادارة التونسية
وأكد التقرير أن معدل انتشار الفساد في تونس «لتسريع الأمور» يعد من بين أعلى المعدلات في العالم حسب المعايير الدولية . فلقد أعلن أكثر من ربع الشركات في تقييم البنك الدولي لمناخ الإستثمار في تونس أنهم مطالبون بتقديم شكل من أشكال الدفع غير الرسمي ( رشاوى ) لتسريع بعض أشكال التفاعل مع الإدارة التونسية
و يشير التقرير أن انتشار الفساد في الإدارة التونسية يعود إلى العبء التنظيمي وأهمية التكتم و تطبيق القوانين الخاضع للسلطة التقديرية. وبالتالي فإّنه وبالإضافة إلى التكاليف المباشرة،فإّن البيئة التنظيمية الثقيلة والمفرطة تخنق المنافسة من خلال السماح للشركات غير الفعالة بالحصول على مزايا غير عادلة عن طريق الإمتيازات و الفساد وجاء في التقرير أن لهذه الممارسات تكلفة تتجاوز الفساد نفسه فهي تمنع نجاح معظم الشركات العاملة و بالتالي تؤدي إلى انخفاض أداء الإقتصاد برمته
و يكشف هذا التقرير أن الإشكاليات حاصلة أكثر في ادارة الديوانة و إدارة الضرائب وتمت الدعوة إلى إصلاحات تنظيمية لتبسيط الاجراءات وتجنب التّهرب المتعلق بالتعريفات الديوانية حيث أن التهرب المتعلّق بالتعريفات الديوانية يؤّدي الى خسارة لا تقل عن 100 مليون دولار أمريكي من العائدات السنوية أي حوالي 0.22 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي
القضاء في التسلل
أعلن الناطق الرسمي للنيابة العمومية سفيان السليطي في تصريح لإذاعة لشمس أف أم، أن النيابة العمومية أذنت بفتح بحث تحقيقي ضد كل من سيكشف عنه البحث من أجل غسل الأموال ممن استغل التسهيلات التي خولتها له خصائص وظيفته أو نشاطه المهني أو الاجتماعي
وجاء هذا التصريح على خلفية التسريبات التي اطلق عليها فضيحة سويس ليكس والتي تضمنت قائمة لرجال اعمال تونسيين يملكون حسابات بنكية في سويسرا
لكن من المنتظر ان تصطدم النيابة العمومية في تونس بالامر عدد 98 الصادر يوم 24 أكتوبر 2011 وتحديدا البند عدد 20 في فقرته الأخيرة الذي يعفي الأشخاص الحاملين للجنسية التونسية والمقيمين بالخارج من نقل مداخليهم الى تونس في حال انتقالهم للإقامة بها
وقد فسر عدد من رجالات القانون هذا الامر الصادر ما بعد الثورة على انه قانون على مقاس عدد من المسؤولين ساهموا في إصداره وذلك لحماية ممتلكاتهم في الخارج خاصة وان عددا كبيرا من المسؤولين وأصحاب القرار حلوا بتونس بعد الثورة لديهم مصالح وحسابات بنكية خارج تونس.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

الجزائر: التشاور مع تونس وليبيا سيقطع الطريق أمام التدخلات الخارجية

تونس – السفير قالت مجلة الجيش الجزائري إنّ “الجزائر بمعيّة الشقيقتين تونس وليب…