YOUR EXISTING AD GOES HERE

تونس – السفير – تقارير دوليّة
cia
يوم الأربعاء الماضي 25 فبراير، نشر “فرانك جافني” رئيس مركز السياسة الأمنية (SecureFreedom.org)، وأحد كتاب أعمدة صحيفة “واشنطن تايمز” مقالًا قصيرًا، تحدث فيه عن “كشف ملف أصدره مركز السياسة الأمنية الأمريكي هذا الأسبوع النقاب عما يشير إلى اختراق جماعة الإخوان المسلمين للمخابرات الأمريكية، وذلك من خلال نائب بالكونجرس تربطه صلات بالجماعة“، بحسب “جافني“.
المقال الذي نشره الكاتب في واشنطن تايمز بعنوان: “صديق الإخوان المسلمين في الكونجرس“، أثار جدلًا كبيرًا وفتح الباب أمام مناقشات قديمة حول: هل اخترق الإخوان المسلمين المخابرات والإدارة الأمريكية حق أم أن العكس هو الصحيح وهناك محاولات أمريكية للتواصل مع بعضهم لتجنيدهم؟
كما أعادت هذه المقالة إلى الأذهان ما نشرته صحف وفضائيات مصرية في ذروة التصعيد مع إدارة أوباما (لاعتراضه على انقلاب 3 يوليو 2013)، لحد وصفهم أوباما وأخيه بأنهما من الإخوان، وطرح مصطلحات غريبة مثل “أوباما الإخواني” في وسائل الإعلام المصرية، وعلى لسان معارضين للإخوان أيضًا مثل المستشارة تهاني الجبالي عضو المحكمة الدستورية السابقة التي أرجعت “عدم محاربة الولايات المتحدة الأمريكية للتنظيم الدولي لجماعة الإخوان” إلى أن “شقيق أوباما هو أحد مهندسي الاستثمارات للتنظيم الدولي للإخوان المسلمين“، بحسب قولها.
بل إن حزبي “الوفد” و”الأحرار” تبنيا رؤية غريبة تقول إن “الرئيس الأمريكي عضو بالتنظيم الدولي للإخوان ومالك شقيقه عضو بتنظيم القاعدة“، واحتفت صحف بنشر هذا النبأ العجيب على أنه “مفاجأة“!
صحيفة واشنطن تايمز، أوضحت أنه بحسب ما نُشر في هذا الملف (الذي أصدره مركز السياسة الأمنية حول اختراق جماعة الإخوان المسلمين للمخابرات الأمريكية)، يظهر أن: “النائب الديمقراطي بالكونجرس عن ولاية إنديانا، أندريه كارسون، تربطه صلات شخصية منذ فترة طويلة بأفراد ومنظمات مرتبطة بجماعة الإخوان التي اعتبرتها الحكومة المصرية إرهابية أواخر العام 2013“.
أما سر الاهتمام بـ “كارسون“، فهو قول الصحيفة إن: “كارسون ليس مجرد عضو في الكونجرس، حيث كان قد اختير مؤخرًا كعضو بلجنة الاستخبارات الأمريكية في مجلس النواب الأمريكي، وهي اللجنة المسؤولة عن الإشراف على أكثر مساعي الولايات المتحدة حساسية في سبيل فهم ومواجهة جميع الأعداء، سواء في الخارج أو الداخل“.
ولذلك، اتهمت الصحيفة -عبر الكاتب “فرانك جافني“- الإدارة الأمريكية بـ”الفشل الخطير في التصدي بشكل مناسب لما وصفته بتهديد جماعة الإخوان المسلمين الذي يسلط عليه الضوء مرور هذه المشكلة الأمنية الواضحة التي مرت دون أن يلاحظها أحد أو يعالجها“.
وزعمت الصحيفة أن “الأسوأ من ذلك، هو إمكانية أن ينظر أعداء الولايات المتحدة إلى هذا الأمر باعتباره دليلًا جديدًا على حتمية انتصارهم والسعي لتدمير الحضارة الغربية من الداخل“، بحسب قولها.
Main-Picture-e1347962068631
وأندريه كارسون، هو ثاني مسلم يدخل مجلس الشيوخ الأمريكي، وأول من يدخل لجنة الاستخبارات الأمريكية، وقد اعتنق الإسلام في أواخر سنة 1990، واستطاع أن يدخل مجلس الشيوخ الأمريكي في 2008 خلفًا لجدته النائبة جوليا كارسون التي توفيت في أواخر 2007، ليصبح ثاني رجل مسلم في الكونجرس، بعد “كيث إليسون”، ممثل الحزب الديمقراطي عن المنطقة الخامسة لولاية مينيسوتا الذي فاز في انتخابات 2006، والتي منها مدينة مينابوليس وبعد ضواحيها.
واستطاع كارسون من خلال الفترة التي خلف فيها جدته في البرلمان أن يكسب ثقة مواطني المنطقة السابعة لولاية أنديانا، والتي من خلالها نجح بجدارة في انتخابات الكونجرس في نوفمبر 2012 بنسبة 54.7 % من الأصوات، متغلبًا على خصمه المنتمي للحزب الجمهوري الذي حصل على نسبة 41.8%.
وفي تلك الفترة، حرص النائب الأمريكي على تقديم صورة طيبة ليكسب ثقة من حوله؛ فاستطاع دخول لجنة الاستخبارات التابعة للكونجرس في 13 يناير 2015، ليصبح أول مسلم يحتل هذه المكانة، ويتقرب بها للرئيس الأمريكي بارك أوباما الذي ظهر معه في العديد من اللقاءات.
وكان انضمام أندريه كارسون، للجنة الاستخبارات الأمريكية قد تسبب في حدوث أزمة كبيرة كادت تتسبب في اندلاع موجة طائفية ضده في يناير 2015، وهو ما دفع النائب الديمقراطي عن ولاية نيويورك، جو كروالي، إلى دعوة زملائه الديمقراطيين والجمهوريين للدفاع عن زميلهم.
download51
اليمين المسيحي المتطرف يُحرض
وقد التقطت ميشيل باكمان، نائبة الكونجرس الأمريكي عن الحزب الجمهوري وعضو ما يطلق عليه “حزب الشاي“، وهو الجناح اليميني المسيحي المتطرف في الحزب الجمهوري، ما قاله تقرير مركز السياسة الأمنية حول النائب المسلم أندريه كارسون، وطالبت المخابرات الأمريكية بالتحقيق فيما أسمته “اختراق الإخوان للإدارة الأمريكية“.
و”باكمان” هي أبرز نواب الكونجرس دعمًا للانقلاب في مصر ومهاجمة جماعة الإخوان المسلمين، وزارت مصر مرتين عقب الانقلاب والتقت بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وانتقدت تضييق إدارة أوباما عليه بدعوى انتهاك حقوق الإنسان، وهي أيضًا أكبر داعم لإسرائيل، وتطوعت في حرب 1973 بين مصر وإسرائيل في معسكرات الكيبوتز لمساعده إسرائيل.
وهي أيضًا تدعم كل مواقف تل أبيب وتطالب بمراقبة كافة الأجهزة الأمريكية لمسلمي أمريكا -بحسب رسالتها في يوليو 2012 لوزارات الداخلية والعدل والخارجية- و”بالتحقيق مع المنظمات الأمريكية المسلمة، والأفراد المسلمين في أمريكا، وموظفي الحكومة الأمريكية المسلمين لتحديد إذا ما كانوا عملاء يحاولون اختراق أمريكا من الداخل“، فيما أطلق عليه الإعلام الأمريكي Bachmann Muslim Witch Hunt أو “محاوله باكمان تصيد المسلمين“.
وكانت باكمان عضو لجنة الاستخبارات في مجلس النواب الأمريكي، وبعض أعضاء مجلس النواب قد أرسلوا خطابات إلى 5 أجهزة أمنية أمريكية مطالبين بالتحقيق في حدوث “اختراق” من قبل جماعة الإخوان المسلمين للإدارة الأمريكية، ووصف رئيس مجلس النواب، جون بوينر، اتهامات باكمان لـ”هوما عابدين” بالخطيرة والكارثية على الرغم أن باكمان كانت المديرة السابقة لحملته الانتخابية.
وقالت باكمان في برنامج توك شو إذاعي في 21 فبراير الجاري إنه: “رغم أن (هوما عابدين) تحتل منصب كبير مساعدي وزيرة الخارجية، إلا أن هناك وثيقة تكشف أن والدها كان عضوًا بجماعة الإخوان المسلمين، وكذلك شقيقها، كما كانت أمها عضوة بما يسمى (الأخوات المسلمات) بينما تتطلب الوظائف الرفيعة المستوى موافقات أمنية فالحكومة عادة ما تتحرى عنك وعن الهيئات التي تنتمي إليها أنت وأسرتك“.
وزعم الإذاعي جلين بيك خلال اللقاء أن جون ماكين وأغلب وسائل الإعلام التابعة للحزب الجمهوري تتخذ موقفًا لصالح الإخوان المسلمين، ووافقته “باكمان” وعقبت أن “ماكين” قد ذهب إلى مجلس الشيوخ ودافع بجرأة عن صديقته “هوما عابدين” في محاولة لنفي الاتهامات.
وأضافت “باكمان” أنها لا تتهم “هوما عابدين بأنها عضوة في جماعة الإخوان المسلمين أو أنها تعمل باسمهم، لكنها تريد أن تتحرى الجهات الأمنية عن اتصالات عابدين“.
والحقيقة أن هذه الروايات سبق أن تكررت منذ سبتمبر 2014؛ ففي 3 سبتمبر الماضي 2014، تحدثت كلير لوبيز، خبيرة شؤون مكافحة الإرهاب السابقة بوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية سي آي إيه، عن “اختراق الإخوان المسلمين لإدارة الرئيس الأمريكي بارك أوباما بشكل غير مسبوق”.
واتهمت لوبيز -في تصريحات خصت بها الموقع الإلكتروني الأمريكي وورلد نت ديلي- الرئيس أوباما بالسماح للإخوان بالتسلل داخل إدارته، وكذلك الحكومة الاتحادية وذلك بتعيين “مستشارين له ممن يحسبون على التيار الإسلامي المتشدد“.
version4_842933c4-e335-4ba6-9577-e1fb8a455bac
abdin
وقالت المسؤولة الأمريكية السابقة إن “الإخوان تسللوا إلى داخل صفوف الإدارة الأمريكية والأفرع الأخرى من الحكومة الفيدرالية“، واعتبرت أن تعيين محمد الإبياري، المصري الأصل، في المجلس الاستشاري لوزارة الأمن الداخلي الأمريكية من أبرز الأخطاء السياسية لأوباما لاسيما بعد أن أظهر دعمه للمتشددين، بحسب قولها، حين كتب، في وقت سابق، على حسابه على “تويتر” إن “الخلافة أو الدولة الإسلامية لا مفر منها في المستقبل” وقارنها بالاتحاد الأوروبي.
كما أوضحت كلير لوبيز، وهي أيضًا خبيرة شؤون الأمن والإرهاب في الشرق الأوسط بمعهد “ميجن” الكندي ومعهد السياسات الأمنية، أن الحرب على الإرهاب التي بدأتها الولايات المتحدة في ظل إدارة الرئيس السابق جورج بوش الابن “أصبحت حاليًا أكثر خطورة، جراء تباطؤ أوباما في اتخاذ القرارات المناسبة“.
وقالت: “إن العديد من أعضاء الكونجرس يعلمون ذلك، لكنهم لا يريدون إثارة المشاكل ولا يتحدثون بصوت عال“، بحسب تعبيرها.
تاريخ الاختراقات المتبادلة
وبدأ الحديث عن علاقات بين الإخوان والمخابرات أو الإدارة الأمريكية منذ أيام الملكية وفي أعقاب الخلاف بين الرئيس الراحل عبد الناصر وجماعة الإخوان الذي قام على إثرها باعتقال وإعدام المئات منهم، وعاد الحديث مرة أخرى عن هذه العلاقات في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي مع صعود أسهم الإخوان في الانتخابات المصرية.
وبدأت العلاقة بين الطرفين عام 2005، عندما أخذت قوة الإخوان في الصعود بعد فوزهم في انتخابات البرلمان بـ88 مقعدًا من 444، فأطلقت الولايات المتحدة تحركًا للتقارب مع الإخوان، عبّرت عنه كوندوليزا رايس حينئذ بقولها: “نحن لا نمانع في وصول الإسلاميين إلى الحكم“.
ولكن، الجدل والتقارير الإعلامية الأكثر هجومًا على الإخوان واتهامهم بالتعامل مع المخابرات الأمريكية ظهرت عام 2012 بعد الثورة وصعود أسهم الإخوان السياسية ثم عقب انقلاب 3 يوليو 2013.
كما ساهم في تعزيز الحديث عن هذه العلاقة الخاصة بين أمريكا والإخوان الزيارة التي قام بها وفد من الإخوان إلي أمريكا في يناير الماضي، وضمت وفدين من المعارضة المصرية: الأول، يمثل ما يسمى “المجلس الثوري المصري“، وهو تحالف جرى تدشينه في إسطنبول، 8 أغسطس 2014؛ هدفه تحقيق أهداف ثورة 25 يناير، بقيادة الليبرالية المصرية د. مها عزام، رئيسة المجلس التي تعيش في بريطانيا وقادت وفدًا مشابهًا لوزارة الخارجية البريطانية مؤخرًا لتحذيرها من مغبة التعاون مع السلطة الحالية في مصر، إضافة إلى القاضي المستشار وليد شرابي عضو المجلس.
والوفد الثاني، يمثل “البرلمان المصري“، الذي أعلن عنه في تركيا أيضًا، في ديسمبر الماضي 2014، ويضم 45 نائبًا من برلمان مصر المنتخب بعد ثورة 25 يناير، برئاسة النائب السابق ثروت نافع عن حزب الوسط، الذي يحمل الجنسية الكندية منذ أكثر من 20 عامًا، وضم: د.جمال حشمت، ود.عبد الموجود الدرديري، إضافة إلى رئيس المجلس.
وكان هدفها إجراء لقاءات مع مسؤولين بالخارجية الأمريكية ونواب في الكونجرس، وعقد لقاء بنادي الصحافة القومي بواشنطن، وحضور ندوة نظمها مركز الإسلام والديمقراطية وتسليم وزارة الخارجية الأمريكية، “رسالة تحذير من خطورة دعم السلطة الحالية في مصر، على مصالح أمريكا الاستراتيجية، وإن أي اتفاقات توقعها أي دولة معها لن تكون ملزمة للشعب المصري حين يتخلص من الانقلاب“.
وسبق هذا نشر عشرات التقارير في صحف حكومية وخاصة مصرية عن علاقات جيدة بين الولايات المتحدة الأمريكية وبين جماعة الإخوان المسلمين خاصة بعد تصدرها للبرلمان المنتخب عام 2012، ثم فوز مرشحها محمد مرسي برئاسة مصر، وكانت أغلب التقارير المصرية تستقي معلوماتها من أعضاء الكونجرس والفضائيات الأمريكية التابعة لليمين المحافظ الأمريكي المعادي للتيار الإسلامي عمومًا، ومنهم النائب “باكمان” وأعضاء حزب “الشاي“.
ففي يونيو 2012، أرسلت عضوة الكونجرس ميشيل باكمان رسالة -نشرتها صحيفة “العالم اليوم” (18/8/2012)- إلى تشارلز موكولوج، المفتش العام بهيئة المخابرات الأمريكية، تتحدث فيها عن “مدى التناقض بين أجندة الإخوان المسلمين وما يريدونه للولايات المتحدة الأمريكية وبين علاقة الولايات المتحدة الأمريكية بهم“.
وتساءلت في الخطاب: “كيف تكون محكمة فيدرالية أمريكية قد ذكرت أن هدف الإخوان المسلمين في أمريكا تدمير الحضارة الغربية، وبالرغم من ذلك الإخوان المسلمون يعملون في النظام الأمريكي ويتغلغلون في العديد من الوزارات الحيوية مثل وزارة العدل ووزارة الخارجية“.
وتساءلت النائبة “ميشيل” عن كيفية أن يحظى المرشد العام للإخوان المسلمين (محمد بديع) بعلاقات جيدة بالحكومة الأمريكية حينئذ، وهو الذي دعا في 30 سبتمبر 2010 إلى الجهاد ضد الولايات المتحدة الأمريكية، بحسب قولها.
كما زعمت أن هناك وثائق عن الكثير من الأفراد المرتبطين بالتنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين يعملون في شعبة “الحقوق المدنية” في وزارة العدل الأمريكية وخصوصًا في ولاية ميتشجن الأمريكية، وتوضح الوثائق العلاقة الودية بين أعضاء الإخوان المسلمين الذين يعملون في وزارة العدل وبين مسؤولي الوزارة، ما عدّه البعض إما اختراقًا من جماعة الإخوان المسلمين لوزارة العدل الأمريكية أو أنه محاولة تجنيد من وزارة العدل الأمريكية لأفراد من جماعة الإخوان المسلمين.
ولكن، تقرير سابق صادر عن مركز “بروكينجز” ونشرته مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية أرجع الاهتمام الأمريكي بالإخوان في إطار برجماتيتهم وسعيهم للتعلم سريعًا من أخطائهم في إيران بوقوفهم وراء شاه إيران المرفوض من شعبه وعدائهم للثورة الإسلامية التي انتصرت على النظام الشاهنشاهي، ومحاولتهم تعويض هذا عقب قيام ثورات الربيع في تونس ومصر وما تلاها من ثورات في اليمن وليبيا وسوريا، بالسعي لاستيعاب هذه التغيرات السياسية في هذه البلدان.
“هوما عابدين” دليل الاختراق؟
وفي غمرة الصراع بين النظام الجديد في مصر الذي جاء عقب انقلاب عسكري ضد حكم الإخوان، وبين جماعة الإخوان المسلمين، والسعي لاستئصال الجماعة تمامًا، ورفض أمريكا وأوروبا في بيانات لعمليات قتل وإعدام المتظاهرين وتعليق تسليم معدات ومعونة عسكرية للقاهرة، شنت وسائل الإعلام المؤيدة للسلطة -والتي أظهر أحد تسريبات مكتب السيسي أن بعضهم يتلقى تعليماته من مكتبه- تقارير عن: “كيف تصل أسرار البيت الأبيض ومكتب هيلاري كلينتون إلى جماعة الإخوان المسلمين وإلى السيدة نجلاء علي زوجة محمد مرسي تحديدًا لحظة بلحظة منذ عام 1996“.
واعتبر خصوم الإخوان في مصر وأمريكا أن “هوما عابدين” -وهي مسلمة أمريكية سعودية زعموا أنها عضوة في جماعة الإخوان المسلمين؛ لأن هناك تقارير تربط أباها بجماعة الإخوان رغم أنها ليست محجبة- هي حلقة الوصل بين أمريكا والإخوان، وأنها مصدر اختراق الإخوان للإدارة الأمريكية، دون دليل سوى أنها مسلمة ووالدها ربما له علاقة بجماعة الإخوان.
فوالدها هندي وأمها باكستانية، مسلمان درسا وحصلا على الدكتوراه في أمريكا وعاشا في السعودية أكثر من ثلاثين عامًا، وكانت “عابدين” تعمل سكرتيرة خاصة ومديرة مكتب لهيلاري كلينتون منذ عام 1996 وإلى اليوم، وظهرت مع أوباما خلال زيارته لمصر 2009.
حيث ربطوا بين أمها “صالحة عابدين“، التي قالوا إنها كانت قيادية في جماعة الإخوان المسلمين الفرع النسائي، أي تنظيم “الأخوات المسلمات“، وبين السيدة نجلاء علي محمود زوجة محمد مرسي والتي درست في أمريكا أيضًا وكانت تعمل في المركز الإسلامي هناك، وقالوا أيضًا إن شقيقها “حسن عابدين” قيادي إخواني يعمل مع القيادي الإخواني المصري القطري الشيخ القرضاوي ومع قيادي في تنظيم القاعدة أيضًا يدعى حسن نصيف!
وذكرت هذه القصص التي نسجتها وسائل الإعلام المصرية روايات حول إدخال “عابدين” عشرات الإخوان المسلمين إلى داخل البيت الأبيض؛ “ليتجسسوا وينقلوا الأسرار والأخبار والفضائح إلى الجماعة أولًا بأول، وليعثروا على ما يمكنهم ابتزاز الإدارة الأمريكية به، ولينقلوا آراء الإخوان ووجهة نظرهم في الحكام العرب وفي جماعة الإخوان على أنها الحقيقة أو أنها رأي عام إلى الدرجة أن داليا مجاهد -التي وصفوها بـ(المحجبة الإخوانية)- صارت تعمل داخل البيت الأبيض كمستشارة لاوباما هي وعشرات الإخوان ليصوروا له الإخوان على أنهم ملائكة ومعتدلون وإن مبارك ديكتاتور“، بحسب ما نشر في صحف مصرية، قالت أيضًا -بعكس ما نشرت- إن “الفتاة “عابدين” كانت متزوجة من “إسرائيلي أمريكي يهودي اسمه أنتوني واينر، كان عضوًا في الكونجرس ولم يدخل الإسلام“.
ويبدو أن أعضاء حزب الشاي المتطرف اليميني التقطوا ما نشرته وسائل الإعلام المصرية لترويجه في أمريكا عن اختراق الإخوان لإدارة أوباما، بينما التقطت الصحف المصرية حوارات في الفضائيات الأمريكية وتصريحات لنفس هذا الفريق الذي زار مصر مرتين لدعم الرئيس السيسي وانقلاب 3 يوليو، تتحدث بدورها عن دور لمسلمين أمريكان مثل النائب المسلم “أندريه كارسون” في فتح أبواب الكونجرس أمام الإخوان خصوصًا أنه شارك في لقاءات وفد الإخوان الأخير الذي زار أمريكا.
وضمن هذه الحملة لإثبات العلاقة بين الإخوان وإدارة أوباما، جرى استخراج ملفات لقاءات سابقة بين قياديين في الإخوان في عهد مبارك ثم المجلس العسكري ثم مرسي مع دبلوماسيين أمريكان وأشهرها على الإطلاق زيارة السفيرة الأمريكية السابقة “أندرسون” لمقر الإخوان، ولقاؤها مرشد الجماعة لأول مرة في تاريخ العلاقات بين الطرفين.
ففي أبريل 2007، التقى النائب “ستيني هوير” زعيم الأغلبية بمجلس النواب مع ممثلي جماعة الإخوان المصرية بالقاهرة، وقال الناطق باسم جماعة الإخوان “حمدي حسن“، إن ستيني التقى بعضو مجلس الشعب والقيادي بالجماعة “محمد سعد الكتاتني”، مرتين بمنزل السفير الأمريكي بالقاهرة، ومبنى البرلمان المصري.
وعقدت لاحقًا لقاءات أخرى بين العضو عصام العريان ومسؤولين بالسفارة الأمريكية، ثم عقب فوز “حزب الحرية والعدالة” بالأغلبية في انتخابات 2012.
وأشار المتحدث باسم السفارة الأمريكية “جون بيري” وقتئذ إلى أن “سياسة الولايات المتحدة لا تمنع اللقاءات مع أعضاء الجماعة الممثلين داخل البرلمان“، مؤكدًا على أن لقاء هوير مع الكتاتني لا يمثل تغييرًا في سياسات الولايات المتحدة تجاه الجماعة، وأن اللقاء يأتي في إطار الدبلوماسية الأمريكية التي تعتمد عقد لقاءات مع برلمانيين وقادة أحزاب وسياسيين مستقلين في العالم .
كما ظهرت عدة كتب تحاول سبر غور العلاقة بين الإخوان وأمريكا منذ الخمسينيات، سواء من زاوية الهجوم على الجماعة أو من زاوية الحديث عن محاولات استفادة متبادلة بين الطرفين وفق العهود المختلفة، أو ما قيل عن محاولات اختراق متبادلة، ولكن أغلبها كان يركز على محاولات الاختراق الأمريكي للجماعة.
وأبرز هذه الكتب العربية (الإخوان في وثائق المخابرات الأمريكية) الذي كتبه في عام 2014 عاطف الغمرى نائب رئيس تحرير «الأهرام» السابق ومراسلها في أمريكا عدة أعوام، ويتحدث عن “الدور الذي لعبته أمريكا في التمهيد لصعود الإخوان إلى سدة الحكم في مصر والتمكين لهم، ثم البكاء عليهم بعد سقوطهم الذي جر معه نحو الهاوية أحلام أمريكا ومشاريعها الجديدة للشرق الأوسط“.
وفيه شرح لبداية العلاقة بين أمريكا والإخوان، وكيف نسج الإخوان ترتيبات عمل منظمة مع أجهزة المخابرات الأمريكية، بحسب قوله، بدأت مع دعوة سعيد رمضان زوج ابنة المرشد حسن البنا لحضور مؤتمر في جامعة برنستون الأمريكية في عام 1953، وبعدها أخذت هذه العلاقة تتطور وتتسع (وهو ما ينفيه قادة الإخوان وينفون خروج “رمضان” من مصر أصلًا حينئذ).
وهناك عدد من الكُتّاب الأمريكيين اهتموا بالبحث في أسرار هذه العلاقة، سواء بتمحيص وثائق في أمريكا وأوروبا، أو بترتيب لقاءات مع شخصيات كانت طرفًا في هذه العلاقة أو قريبة منها، كان منهم ويليام باير ضابط المخابرات الأمريكية مؤلف كتاب (النوم مع الشيطان)، وروبرت دريفوس صاخب كتاب (كيف ساعدت أمريكا على إطلاق العنان للمتشددين الإسلاميين؟).
ولكن، الكتابات التي ظهرت قبل الألفية الثانية كانت تركز على “شيطنة” الإخوان، وتتحدث عن تعاونهم مع الاحتلال الإنجليزي لمصر ثم مع أمريكا أيزنهاور ضد عبد الناصر، ثم تعاونهم ضد السادات، بيد أن الكتابات والتصريحات التي صدرت قبل وبعد الربيع العربي كانت تشير لاعتدالهم.
حتى إن وزير الدفاع الأمريكي السابق “هاجل” تحدث في ندوة لمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى في 9 مايو 2013، بقوله: “إن الرئيس مرسي أكد لنا التزامه بمعاهدة كامب ديفيد للسلام وتحسين التعاون بشأن أمن الحدود في سيناء“.
ولكن، السؤال الذي لم يجب عنه أحد هو: لماذا خرجت أصوات أمريكية الآن للحديث عن اختراق الإخوان للإدارة والكونجرس والمخابرات الأمريكية، وهل لذلك علاقة بالصراع الأمريكي الداخلي بين الديمقراطيين والجمهوريين؟ أم أن الأمر محض مصادفة وصراع فرعي بين نواب متطرفين من حزب الشاي ونواب مسلمين؟ أم هي الإسلاموفوبيا التي انتشرت مع صعود أصوات “اليمين المحافظ” مرة أخرى ودعوته للتدخل في العراق وسوريا بريًا لضرب تنظيم داعش؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

معارك غزة.. فرق نفسية لمواجهة الميول الانتحارية لدى الجنود الإسرائيليين

السفير – وكالات أكدت صحيفة يديعوت أحرونوت أن قسم التأهيل في جيش الاحتلال الإسرائيلي …