YOUR EXISTING AD GOES HERE

تونس – السفير – الغارديان
يعتقد العرب أن بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء يقعون جميعًا تحت السيطرة الإيرانية، وأن القوة ربما تتحول مرة أخرى إذا تم تخفيف العقوبات الأمريكية.
يعمل قادة الحرس الثوري الإسلامي الإيراني وقتًا إضافيًا في الآونة الأخيرة، ويتباهون بإنجازاتهم في مختلف أنحاء الشرق الأوسط ويستعرضون عضلاتهم في ظل دخول المفاوضات الدولية بشأن البرنامج النووي للبلاد مرحلتها الحاسمة وربما النهائية.
في يوم الأربعاء، جاء دور الجنرال محمد علي جعفري، قائد الحرس الثوري؛ والذي صرّح: “إن الثورة الإسلامية تتقدم بسرعة جيدة، وأصبحت نموذجًا لكثير من الثورات. ليس فقط فلسطين ولبنان هما من تعترفان بالدور المؤثر للجمهورية الإسلامية ولكن يعترف بذلك أيضًا الشعب في العراق وسوريا؛ فهم يقدرون الأمة الإيرانية“.
وفي الشهر الماضي، أرسل الجنرال قاسم سليماني، قائد فرقة القدس التابعة للحرس الثوري الإيراني، رسالة تفاخر مماثلة، وهو يقود بانتظام الدفاع عن الميليشيات الشيعية العراقية ضد الجهاديين السُنة في تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، وكذلك ضد الثوار المدعومين من الغرب والعرب الذين يقاتلون بشار الأسد في جنوب سوريا. وقال سليماني: “اعترف الإمبرياليون والصهاينة بالهزيمة على يد الجمهورية الإسلامية وحركة المقاومة“.
يثير التقدم الإيراني القلق والخوف في المملكة العربية السعودية والخليج؛ حيث كانت طهران منافسًا استراتيجيًا منذ عصر الشاه، وتسيطر الآن على أربع عواصم عربية: بغداد ودمشق وبيروت، والشهر الماضي، صنعاء في اليمن، وهي قريبة بشكل غير مريح من إيران.
وبالتأكيد، تطور موقف إيران الإقليمي؛ فدورها البارز في قتال داعش في العراق، واستعادة الأسد سيطرته على سوريا بمساعدة حليفها اللبناني حزب الله، واستيلاء المتمردين الحوثيين في اليمن على السُلطة، كان كل ذلك مُزعجًا للغاية بالنسبة للسعوديين. كما ألقت الاحتجاجات المُناهضة للحكومة في البحرين ذات الأغلبية الشيعية اللوم على طهران، على الرغم من تجاهل الجذور المحلية لهذه الاضطرابات.
وفي الرياض، يقول دبلوماسيون إن الملك سلمان قلّل انشغاله بجماعة الإخوان المسلمين في صالح بناء جبهة عربية سُنية موحدة لمواجهة الإيرانيين، على الرغم من أن تنفيذ هذه الاستراتيجية هو مسألة أخرى. الرسالة التي تحاول المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة إرسالها هي أنه مهما كانت نتائج المحادثات النووية، إيران عازمة على توسيع قوتها ونفوذها.
وقال مسؤول خليجي لصحيفة الجارديان: “إن إيران حققت انتصارات كبيرة، ولكن في الأماكن التي توجد فيها أقليات شيعية فقط. ما يثير مخاوفنا هو أن تصبح القضية النووية أداة من أدوات السياسة الخارجية الإيرانية“.
وتشارك إسرائيلُ العربَ في هذه المخاوف؛ حيث استخدام بنيامين نتنياهو لحجج مماثلة في خطابه الأخير في الكونغرس الأمريكي، في توقيت مناسب للتأثير على نهاية اللعبة النووية الأسبوع المقبل في جنيف.
وقال أحد المخضرمين من المراقبين السعودية: “إن السعودية قلقة للغاية من الوصول إلى نقطة تصبح عندها إيران لاعبًا رئيسًا بسبب القضية النووية، والطريقة التي انتهت بوقوف الولايات المتحدة في نفس جانب إيران عند دخولها العراق. ولكن الضوضاء التي تثيرها إيران تتناسب عكسيًا مع قدرتها على فعل أي شيء حيال ذلك“.
لا تشعر الحكومات العربية بالطمأنينة إزاء وعود جون كيري، وزير الخارجية الأمريكية، بأن واشنطن لا تسعى إلى “صفقة كبرى” مع طهران تسمح “بزعزعة استقرار” الشرق الأوسط، ويدعمها تخفيف العقوبات الاقتصادية.
وحذر وزير الخارجية السعودي، سعود الفيصل، من طموحات طهران “المهيمنة“؛ حيث دعم الحرس الثوري عملية عسكرية لاستعادة السيطرة على مدينة تكريت العراقية من داعش. وفي عواصم الخليج، يُنظر إلى حسن روحاني، الرئيس الإيراني المرن، على أنه أقل أهمية من القائد الأعلى المتشدد، آية الله علي خامنئي.
ومن الصعب فصل الدعاية عن الواقع. ولكن يقول محللون مستقلون إن إيران تضخم مكاسبها للاستهلاك المحلي والأجنبي. ويقول علي أنصاري، من جامعة سانت أندروز، إنه: “إذا كنت تستمع إلى سليماني ستجد قدرًا من المبالغة في كلامه. إنها طمأنينة بلاغية. فهو يقول للإيرانيين: (نحن أقوياء والجميع يشعر بالقلق تجاهنا)، وذلك لتوصيل رسالة بأنهم ليسوا تحت ضغط. الناس في الخارج يمكنهم أن يروا ما هي نقاط قوة وضعف إيران. ولكن ثمة اعتقاد بأنك تحتاج إلى التفاوض من موقع قوة، وإذا كنت ضعيفًا سوف يُداس عليك بالأقدام“.
وكشف المراقب حسين رسام، أحد موظفي السفارة البريطانية، عن المخطط الداخلي في بيانات الحرس الثوري الإيراني. ويقول: “منتقدو سياسة التقارب مع المجتمع الدولي داخل إيران التي يتبناها روحاني يمكن أن يتحولوا إلى المرشد الأعلى ويقولون بأنه لم يكن هناك حاجة إلى هذا الأسلوب المرن لأننا نمتلك الآن الكثير من أوراق المساومة في أيدينا. إيران هي القوة الوحيدة في المنطقة التي يمكنها محاربة داعش، والغرب في حاجة إلينا من أجل ذلك“.
من جهة أخرى يرى مئير ليتفاك، وهو خبير إسرائيلي في الشؤون الإيرانية، الإيمان الحقيقي والاستعداد في موقف طهران. وقال: “يعتقد الإيرانيون أنه كان بإمكانهم إنقاذ نظام الأسد من الانهيار التام، وأن سوريا تعيش في أزمة حقيقية.
وهذا يعني أنها كانت قادرة على الحفاظ على التواصل مع حزب الله وربما فتح جبهة ثانية بالوكالة ضد إسرائيل في مرتفعات الجولان. وكان التمرد الحوثي في اليمن في بدايته مجرد شأن داخلي ولكن رأى النظام الإيراني أنه فرصة. وأصبح مكافأة له، حتى لو لم يكونوا بهذا القدر من الفاعلية في اليمن. ولكن، إذا كان السعوديون يشعرون بالخوف، فهذا أمر إيجابي بالنسبة للإيرانيين“.
وتقول مصادر دبلوماسية عربية إنهم يتوقعون رؤية وجود الحرس الثوري الإيراني وحزب الله في اليمن، بمساعدة اتفاق جديد بشأن رحلات منتظمة بين طهران وصنعاء.
دور إيران في البحرين، حيث لا تزال الأغلبية الشيعية تخوض مواجهة مع الأقلية السُنية الحاكمة المدعومة من السعودية، هو كسب نقاط دعائية أكثر من الدعم المادي، على الرغم من مزاعم المنامة حول الدور الخطير الذي تلعبه إيران.
وعلى الرغم من ذلك، وفي معاقل النفوذ الإيراني، العراق وسوريا، كانت هناك تكاليف كبيرة إضافة إلى المزايا والمصالح، بما في ذلك مقتل اثنين من كبار قادة الحرس الثوري الإيراني.
وأدى استمرار العقوبات وانخفاض أسعار النفط، التي ترى طهران أنها استراتيجية متعمدة من قِبل السعوديين، إلى صعوبة دفع المليارات من الدولارات لدعم نظام الأسد.
فيما يرى إميل حكيم، المحلل في معهد لندن الدولي للدراسات الاستراتيجية، أن أهم ما يميز إيران هو التزامها وفعاليتها، في سوريا أو خارجها. وأوضح حكيم قائلًا: “إن الخبرة والتجربة والصبر الاستراتيجي الذي أظهرته في دعم النظام السوري إلى حد كبير سهّل عودة الأسد من الانتكاسات الخطيرة التي حدثت في عام 2012. وفي المقابل، كشفت الحرب في سوريا ليس فقط القيود السياسية والتنفيذية لدول الخليج، ولكن أيضًا عن التنافس بينهم“.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

معارك غزة.. فرق نفسية لمواجهة الميول الانتحارية لدى الجنود الإسرائيليين

السفير – وكالات أكدت صحيفة يديعوت أحرونوت أن قسم التأهيل في جيش الاحتلال الإسرائيلي …