YOUR EXISTING AD GOES HERE

الحمد لله وحده

لمن لا يعلم، روّج أتباع حركة النهضة في بداية التسعينات كاسات سمعية عدد فيها الشيخ مآخذه على بن علي و خياراته، و قد ورد ضمنها قوله أنه لاحظ لبن علي عند زيارته في قصر الرئاسة بسخرية “ياخي انت رئيس دولة و إلا عروس كل نهار بكوستيم جديد” مضيفا أن المفروض أن يلبس رئيس الدولة لباس أغلبية الشعب و هي “البلوزة” !
و قد حضرني هذا المقال و أنا اشاهد رئيس الحركة قد تخلى عن “البلوزة” – مند زمان – و ارتدى الكوستيم شأنه شأن فخامة “الباجي” – و كأن الصدف أرادت أن يتفقا على اختيار اللون الازرق و الابيض لكوستيم “العرس” حسب تعبير البحيري – أحد قيادي حركة النهضة. ليس لهذا فقط فالمؤتمر الكرنفالي العاشر لم يعمل بالمبدأ و “اذا عصيتم فاستتروا” اذ عرض صورة عملاقة لعلم تونس في شكلها الجغرافي كتب عليها بالأعجمية Non au terrorisme، و لا تغفل أيضا اختيار الحمامات المدينة السياحية ليعقد فيها المؤتمر العاشر اشغاله – و هي رسائل بالجملة فككت العقد مع حداثة الاستهلاك قبل الديمقراطية التي جعلت عنوانا و خيارا أساسيا للحركة يرش على الحضور عطرها من أفواه مسؤولى الحركة المتحدثين للإعلام، و قد “تنحلت” ألسنتهم فلا تنطق إلا معسول الكلام اطراءا و مجاملة لأعداء الأمس و تأكيدا على المصالحة و المسامحة.
مسرحية التملّص و التقمص :
يا لها من سخرية الدهر – الشيخ يتقمصّ مظهر بن علي “العروس” و يلبس “الكوستيم”، بعد أن تملصّ من مشروعه القديم و لم يجد بدّا من تقمص دور العريس في العرس، في حين تملص العجوز الثاني من ماضيه القمعي الدكتاتوري ليتقمص دور الأستاذ في الديمقراطية مطمئنا الحضور عن توبة الحركة و اعتناقها الديمقراطية ما وجد ترحيبا لدى “جمهور المؤتمرين” الذي هتف مهللا شاكرا “الباجي ! الباجي !” الذي نقله صياحهم التهريجي الى أجواء الستينات المحبب لديه عندما كان الهتاف لبورقيبة لتنشرح نفسه و هو الذي تقمص شخص بورقيبة ما بعد الثورة !
لا يذهب في ظنك أخي القارئ ان رسائل المؤتمر موجهة الى الشعب التونسي، بقدر ما هي موجهة الى أصحاب العيون الزرق من قناصل الدول الغربية التي تصنع المشهد و تحدد الأدوار و ما على الممثل إلا ترجمته في سيناريو يتفق مع ما هو مسطر من “المسؤول الكبير”.
تكريس المناولة السياسية :
ان المشهد قد أعفى المحللين و الملاحظين من الجهد في قراءة ما حصل في هذا المؤتمر و خاصة نتائجه على المشهد السياسي بالبلاد اذ لا يعدو أن يكون الأمر تكريس الحزبين أو الآلتين الانتخابيتين (النداء – النهضة) للمناولة السياسية التي اعتقد البعض أن الثورة مثلت ايذانا بنهايتها، و التي تعني أن السياسة كخيارات أساسية تسطرها السفارات الغربية، و تنفذها أياد داخلية تخلت عن المشروع الوطني و استبدلته بنظام التبعيّة – و لا حول و لا قوة إلا بالله.
الأستاذ عبد الرؤوف العيادي
تونس في 16 شعبان 1437 الموافق لــ 23 ماي 2016

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

رأي/ غزة.. وكنت من الواهمين أيضا..

تونس – السفير – بقلم العيد القماطي كنت من الواهمين، في أنصار لهيب غزّة، أن يتص…