YOUR EXISTING AD GOES HERE

تونس – الافتتاحية – ظافر بالطيبي

تابع كل التونسيون باهتمام بالغ عملية التصويت على حكومة الحبيب الجملي التي طال انتظارها والتي كانت من المفروض الحكومة الأولى بعد الانتخابات الأخيرة الرئاسية والتشريعية التي انتصر فيها الشعب على “السيستام” وبقايا النظام البائد والدولة العميقة..

ويبدو أنّ سقوط الدولة العميقة لم يكن إلا سقوطا انتخابيا لا غير، فمازالت هذه الدولة بمافياتها الظاهرة والخفية ورجال أعمالها وأموالها القذرة متغلغلة في أجهزة الدولة ومفاصل القرار فيها. وكان يوم العاشر من جانفي يوم سقوط جماعي دون منازع، سقوط جديد للمنظومة القديمة الساقطة بطبعها وسقوط جديد للبرلمان الجديد الذي يحتوي بين كراسيه على عدد من المشبوهين والمتهمين بالفساد والرشوة، وسقوط لأولى حكومة بعد انتخابات نزيهة انتصر فيها الشعب على الدولة لأول مرة منذ الاستقلال..

رافقت عملية التصويت على حكومة الجملي وقبلها بساعات حملة تشويه لبعض الأعضاء المقترحين، وفجأة بعد أن تم تسمية الحكومة بالتشاور مع بعض الأحزاب وتحديدا حزب “قلب تونس” المتهم رئيسه بالفساد وتبييض الأموال والتهرب الضريبي والتطبيع والتعامل مع الصهاينة، وبعد حصول الحبيب الجملي على ضمانات المرور إذ بالمنظومة القديمة والدولة العميقة الساقطة انتخابيا وأخلاقيا تتدخل في المشهد من جديد ويلعب المال القذر مجددا تحت قبة البرلمان التي طالما لعب تحتها على مدى الصنوات الثماني الماضية.

ولأول مرة قبيل يوم من التصويت يجتمع الخصمان والعدوّان سياسيا نبيل القروي ورئيس حكومة تصريف الأعمال يوسف الشاهد الذي طالما عمل على إقناع التونسيين أنه يشن حربا على الفساد وغذ به يصبح حليف من أدخله بالأمس إلى السجن ونعته بأبشع النعوت، في مشهد انتهازي رديئ لا يمكن مشاهدته إلا صلب كبرى المافيات والعصابات الدولية حيث تكون المصالح القذرة والانتهازية هي عناوين التحالفات والتشكيلات المتغيرة.

وكفى بهذا اللقاء المفاجئ دليلا على دخول البرلمان الجديد بعد أقل من ثلاثة أشهر من تنصيبه دائرة الشبهات والفساد. ولا ننسى في هذا السياق التصريح السابق لرئيس هيئة الفساد بوجود ما لا يقل عن عشرة نواب جدد متهمين في قضايا فساد لدى المحاكم التونسية ومنهم من تتعلق بهم شبه تهريب ورشوة وفساد مالي وأخلاقي وغير ذلك..

بل الأخطر من كل ذلك تصريح النائب الصحبي صمارة الذي قال فيه أن هناك سياسيا معروفا اتصل بالمخابرات المصرية ليبشرهم بقرب سقوط الديمقراطية التونسية وبدء احتجاجات عارمة في البلاد، ثم تصريح آخر قال فيه أن قرار إسقاط حكومة الجملي جاء قبل ثلاثة أيام من إحدى الدول الأجنبية..

ولا يخفى على متابع للأحداث ومطلع على بعض الكواليس والخلفيات أنّ عملية إسقاط حكومة الجملي على ما فيها من هنات وانتقادات، كانت عملية مدبرة بليل وخضعت لمساومات وعمليات مقايضة وضغوطات داخلية وخارجية حتى وصل بأحد رؤساء الأحزاب المتهم بالفساد المطالبة بضمانات كتابية بعدم دخوله السجن مجددا بسبب التهم المتعلقة به.. فهل يوجد فساد وسقوط أكبر من هذا؟؟

لا شك أن سقوط حكومة الحبيب الجملي كان نتيجة سقوط أخلاقي وقيمي وسياسي لأغلب نواب البرلمان حيث أصبحت مصلحة البلاد آخر ما يمكن أن يفكر فيه هؤلاء وكتلهم السياسية بما يهم بعض الذين احتسبوا على الثورة والمشهد السياسي الجديد.. فلو لم يسقط البرلمان ما سقطت حكومة الحبيب الجملي ولعل هذا السقوط المضاعف قد يؤدي إلى سقوط قانوني دستوري فيتم حل البرلمان قريبا وإعادة الانتخابات التشريعية لعل الشعب يلعب ورقته الجديدة بعد أن رأى رأي العين سقوط أقنعة من بنى عليهم يوما شيئا من الأمل المفقود..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

تمديد الاحتفاظ بإطارين من وزارة المالية بشبهات فساد

تونس – السفير  أذنت النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بتونس لأعوان الوحدة الوطنية…