YOUR EXISTING AD GOES HERE

تونس – السفير – ظافر بالطيبي

لا يختلف اثنان اليوم في تونس أنّ سليلة نظام بن علي عبير موسي قد أصبحت ظاهرة سياسيّة جالبة للانتباه، فبعدما كانت تقدم نفسها باسم المعارضة وحامية “الدولة الوطنية” و”الحداثة” من “الإخوان والظلاميين”، وتحشد أنصار حزبها إيديولوجيا على هذا الأساس في ارتباط واضح بأجندات بعض الدول الخليجية والغربية وأساسا الإمارات ومصر والسعودية وفرنسا، يبدو أنها أفرطت في لعب الدور وتقمّص الشخصية بمبالغة حتى فاقت حدود الأوامر والتوصيات الخارجية. وهاهي اليوم تخرج عن كل السياقات وأولها عن أفكار ومبادئ الدولة الوطنية التي تتحدث باسمها والحزب الدستوري الأصلي الأول الذي قاد البلاد بعد الاستقلال وأسس للدولة الحديثة والمستقلة.

بالغت عبير في ترذيل وتحقير الديمقراطية التونسية التي سمحت لها وهي سليلة دولة بن علي القمعية والاستبدادية، بالممارسة السياسية والترشح للبرلمان والتعبير عن آرائها ومواقفها بكل حرية وهو ما كانت تمنعه هي وحزبها التجمع قبل الثورة عن كل المعارضين السياسيين من إسلاميين ويساريين وغيرهم. بالغت حتى أصبحت محل انتقاد وامتعاض من زملائها والمقربين إليها قبل مخالفيها وخصومها.

بالغت في لعب دور الضحية تارة ودور الوصية عن دولة القانون والمدنية تارة أخرى، فعطلت أعمال المجلس وأثارت الفتن وحرضت على زملائها ورئيس البرلمان وكل من يخالفها أو حتى ينتقدها مجرد النقد العابر.

بالغت عبير في تنفيذ أجندات دولة الإمارات التي تموّلها سرا وعلنا مع الدعم الفرنسي والمصري والسعودي قبل الأسابيع الأخيرة التي شهدت فيها الخارطة الجيوسياسية الدولية تغيرات جذرية ومهمة مازالت عبير لم تستوعبها بعد. فمازالت تصر على تحقير الدولة الديمقراطية وتعمل على تنفيذ الأجندات الانقلابية وتحريض النخب والعوام على بعضهم وإشعال نار الفتن والحروب الإيديولوجية التي لا تعني الناخب والمواطن البسيط الذي انتخبها وانتخب كل الخارطة السياسية الجديدة.

ويبدو أن عبير مازالت لم تستوعب الأمر وعاشت دور “المنقذ” المحلي المدعوم خارجيا أكثر مما توقعه أسيادها أنفسهم، فأصرت على العربدة و”البلطجة” في تعاطيها مع فرع اتحاد علماء المسلمين المرخص له من قبل الدولة وصل بها الحد إلى احتجاز الناس داخل مقرهم ومنعهم من الدخول والخروج وحتى إدخال الطعام إليهم. ومازالت تحرض ضدّ فئة واسعة من الشعب التونسي على أساس التفرقة الفكرية والإيديولوجية والتهم الجزاف بالإرهاب والتطرف وغيرها بأسلوب شعبوي ممنهج.

بالغت عبير، وجنّ جنونها، بعد أن بلغها أن ريح التغيير الدولية الأخيرة بعد صعود جو بايدن إلى سدة الحكم الأمريكي، ليست في صالحها ولا صالح أسيادها الإماراتيين والفرنسيين. فالإدارة الأمريكية الجديدة حريصة على إنجاح التجربة الديمقراطية التونسية وكذلك محاسبة منتهكي حقوق الإنسان ومحرضي الانقلابات العسكرية. وزاد جنونها بعد أن بلغها أنّ الأمريكيين غاضبون من اتهامها لهم في وقت سابق بأنهم من خطط للثورة التونسية ودفع نحو إسقاط نظام سيدها المخلوع الهارب. وعرفت أنها غير مرحب بها دوليا وهو ما يعني أنها لن تنال دعم اللوبيات الأجنبية والمالية وصانعي الحكام في الداخل والخارج بعد الفيتو الأمريكي ضدّها. فلم تنفعها فرنسا ولا الإمارات.

لم تنفعها فرنسا ولا الإمارات ولا السعودية التي هرولت سريعا للمصالحة مع قطر ثم تبعتها مصر وأبو ظبي. ولم تنفعها مصر التي غازلت تركيا من أجل الحفاظ على موطئ قدم لها في ليبيا واستثماراتها المقبلة إلى جانب التوافق معها في ترسيم الحدود البحرية رغم محاولات اليونان وإسرائيل منع تلك التفاهمات وعودة العلاقات المصرية التركية.

جنّ جنون عبير، وقتلت نفسها قبل يومين في البرلمان بعد أن اتحد ضدّها الصحفيون والإعلاميون والنواب والإداريون وأغلب الرأي العام بعد حالاتها الهيستيرية المتواصلة أثناء بثها المباشر لمعظم تحركاتها وشطحاتها السياسية والشعبوية. ثمّ زاد جنونها ومسّها اليوم في صفاقس عندما أعلنت موقفها ضدّ أمريكا وجاهرت بهجائها في خطوة انفعالية شعبية هي أقرب إلى ردّة فعل المهزوم والمجروح منها إلى الموقف السياسي الصريح والشجاع.

ويبدو أنّ عبير التي سبق أن تم إعلامها منذ ديسمبر الماضي أنه سيتم إبعادها من الساحة السياسية أو ربما حزبها بسبب مواقفها الشاذة والشعبوية وتصريحاتها اللامسؤولة ضدّ الأمريكان في علاقتهم بالثورات عموما والثورة التونسية خاصة، زادت حالتها النفسية بؤسا ويأسا. كما وصلتها بعض كواليس محاولات المقربين إليها التخلي عنها قريبا والبحث عن بديل على مستوى الساحة الدستورية والتجمعية، وقد صرحت بذلك في أحد فيديواتها المباشرة. حيث تم ترشيح الزبيدي والعكروت ليكونا من الشخصيات القادمة التي سيتم الترويج لهما أو لأحدهما كأبرز قادة وممثلي التيار الدستوري أو التجمعي أو الحداثي القادر على تشكيل توازن حزبي وسياسي مع حركة النهضة التي تبقى لحد الآن الحزب الأول عدديا في البلاد رغم كل محاولات التشويه والشيطنة والمغالطة..

جنّ جنون عبير، وقتلت نفسها بنفسها، وبهاتفها الجوّال وبثها المباشر لكل شطحاتها وفضائحها السياسية والشعبوية قبل فضائح غيرها أو شطحاتهم. ومن يشاهد ويراجع كل تلك المقاطع والفيديوات والمداخلات، يعلم جيدا أنّ الحالة النفسية باتت مستعصية وأنّ الاستماتة في الخطأ ومواصلة الوقوع فيها إنما هو بذاته مرض نفسي حاد يستوجب تدخلا علاجيا سريعا عسى أن يعود لها البعض من العقل والاتزان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

همزة: تونس مُفردة في محل جرّ.. بفعل فاعل مبني للمجهول..

تونس – السفير – ظافر بالطيبي يقول اللغويون أنّ الحال دائما ما يكون منصوبا، إلا…