YOUR EXISTING AD GOES HERE

تونس – السفير
بقلم محمّد المقدّمي
لا بدّ أن نذكر مقولة الأميركي “دايفيد وارمرز” المستشار و المسؤول عن قسم الشرق الأوسطفي فريق ديك تشيني , عن إسطبل المثقّفين العرب :
“من ضمن خطّتنا في المنطقة لا بدّ أن ننتبه للإعلام … الإعلاميون العرب كلّهم أعداء و كلّهم ضدّ الساميّة و كلّهم يمكن أن يشكّلوا معسكر الخصم , لكن لا بدّ أن نجد إسطبلا من الإعلاميين العرب يشبه سفينة نوح , الأحصنة في هذا الإسطبل وظيفتهم أن يقولوا دائما أنّ سوريا و إيران هما المشكلة , أمّا الحمير فهم من يصدّقوننا بأنّنا نريد الدّيمقراطيّة لهذه الشعوب , أمّا حظيرة الخنازير الذين يقتاتون على فضلاتنا فمهمّتهم كلّما أعددنا مؤامرة أن يقولوا أين هي المؤامرة ؟ ” …
و من المؤامرات التّي حيكت ضدّ الإسلام و المسلمين في البلاد الإسلاميّة هي إعادة تقسيمهم لوحدات طائفيّة و عرقيّة تحت شعار حقوق الأقليّات و تقرير المصير و التّدريب على الدّيمقراطيّة – مثلما ذكر برنارد لويس سنة 2005 – وهو ما تمّ طرحه في نصّ مشروع الشرق الأوسط الكبير في قمّة لمجموعة الثمانية سنة 2004. و هاهو مشروع التّقسيم سار على قدم و ساق فبعد العراق و سوريا يأتي اليوم الدّور على ليبيا لتفيتيها وإستنزاف خيراتها و إثارة النّعرات بين أهلها تبعا لسياسة ” فرّق تسدّ “.
فعلى غرار سيناريو حرق الطيّار الأردني معاذ الكساسبة، تعيد أميركا تحريك عملائها في تنظيم الدّولة “داعش” لإنتاج فيلم جديد يتضمّن مقتل 21 رجلا من الأقباط المصريين، وبغضّ النظر عن صحّة الفيديو و مكان تصويره , فلم تمض ساعات على نشر هذا الفيلم حتّى قام الطيران المصري بضربات جويّة على مدينة درنة شرق ليبيا , في حين أنّ أحداث عمليّة القتل المنسوبة في الفيلم إلى تنظيم داعش أدّعي بتصويرها في غرب ليبيا على ساحل طرابلس أو سرت , وهو ما أدّى إلى سقوط العديد من الأطفال و النّساء و معزولي السّلاح جرّاء هذه الغارات الجويّة التي وقعت في مناطق سكنيّة , كما تذكّرنا هذه الغارات بشقيقتها التي سبق و أن قام بها الطيران المصري في أكتوبر2014 حيث شهدت “عمليّة الكرامة” بقيادة الضّابط خليفة حفتر تقهقرا على أرض الميدان أمام معاناته لصعوبات إزاء صمود مجلس شورى ثوّار بنغازي و درنة والبيضاء في مناطق الشرق رغم القصف الجوّي من مصر و الإمارات. ومازال الرئيس عبدالفتاح السيسي يعمل جاهدا على تمكين قوّات محمود جبريل وبقايا القذّافي التابعة لجماعة خليفة حفتر من السيطرة على الحكم أو إحداث موازين قوى في صالحهم – على أقلّ تقدير – بعد عجزها عن طرد كتائب القعقاع والصواعق من طرابلس وكثير من المناطق التي تسيطر عليها. وهذا ما يفسّر إنسحاب حكومة عبد الله الثني من الحوار (الليبي-الليبي) برعاية الأمم المتّحدة وذلك بسبب تشريك المتطرّفين والإرهابيين في إشارة له لحكومة طرابلس، لكسب مزيد من الوقت على أرض المعركة قبل الرّجوع لطاولة الحوار في وضعيّة إنهزاميّة,ويأتي قرار الانسحاب بالتّوازي مع تصاعد وتيرة الأحداث الإرهابيّة وخاصّة عمليّات التفجير بالقرب من السّفارة الإيرانيّة لمزيد الضّغط على حكومة عمر الحاسي لتقديم تنازلات في جلسات الحوار الوطني. كما أكّد الثنّي أنّ هنالك تنسيق مع سلاح الجو المصري والقيادات العسكريّة بشأن ضربة جويّة على مواقع المتطرّفين.
ولمزيد تغذية الصّراع والسير في خطوات عمليّة تمّ تزويد “المتطرّفين” في ليبيا بالتحديد في منطقة درنة بــ 40طنّ من الأدوية من طرف الحكومة التّونسيّة تحت غطاء مساعدات خيريّة في محاولة لإطالة زمن الحرب و السير نحو التقسيم. كما يجدر الإشارة أنّ ليبيا تحتوي على 45مليون قطعة سلاح خارج إطار السّيطرة أي بمعدّل 7 أسلحة لكلّ فرد وهو من شأنه إذكاء الاقتتال والسّير في مزيد تعفين الوضع. و كتأكيد على بداية التّقسيم , قرّر وزيرالخارجيّة التونسيّة الطيّب البكّوش بعث قنصليّة في غرب ليبيا و قنصليّة أخرى شرقها في إعتراف ضمني بكلتا الحكومتين و كخطوة أولى لرسم الحدود الجديدة لليبيا . هذا و قد أعلن مصدر سيادي في مصر أنّ أجهزة الأمن تدرس إرسال قوّات بريّة خاصّة من”المجموعة 999″ المكلّفة بمحاربة الإرهاب الدّولي , موضّحا أنّ هناك إتّصال مع حكومة الثنّي بقصد الموافقة على إرسال هذه القوّات إلى ليبيا .
من ناحية أخرى ,تعمل أميركا على مزيد إستثارة الشعوب الأوروبيّة بخاصّة و تحفيزها لتقف خلف زعمائها لمواجهة “الإرهاب الإسلامي” الذي أصبح يهدّد الضفّة الأخرى من المتوسّط كما صرّح وزير الخارجيّة الإيطالي باولو جنتيلوني في مقابلة مع سكاي تيفي 24 :”إيطاليا تؤيّد الجهود التي يقوم بها مبعوث الأمم المتّحدة لجمع الفصائل المتناحرة لكن إذا فشلت المحادثات فإنّنا مستعدّون للقتال في إطار بعثة دوليّة ” كما أضاف “لا يمكننا أن نقبل فكرة خطرا إرهابيّا فعليّا موجود على بضع ساعات بالقرب من إيطاليا” , هذا و أكّد وزير الدّاخليّة الإيطالي ألفانو “من دون تعبئة عامّة سريعة من أجل ليبيا , ستشهد إيطاليا و أوروبا مآسي أخرى على غرار شارلي إيبدو” . و قد بدأ التّمهيد لإيجاد موطئ قدم لتدخّل عسكري برّي إقليمي و دولي بغطاء من مجلس الأمن , فقد دعا السيسي يوم 17/02 الأمم المتّحدة إلى إستصدار قرار يسمح بتدخّل قوّات دوليّة في ليبيا , و رغم عدم توصّل مجلس الأمن لقرار تدخّل قوّات دوليّة , إلّا أنّ إصطناع مبرّرات بزيادة عدم الاستقرار في ليبيا و إستهداف غير الليبيين ستجعل المبرّرات لدى مجلس الأمن بالتدخّل الأكيد قويّة . و لمزيد تكريس إقتتال المسلمين فيما بينهم و جرّ دول الجوار إلى التدخّل في ليبيا, دعا الرئيس المصري إلى إنشاء قوّة عربيّة لمواجهة الظروف المحيطة بالمنطقة , فقد دار لقاء أمني جزائري تونسي مصري في القاهرة لمتابعة الصّراع و بحث سبل تعزيزه. كما أنّ تونس لديها معلومات كاملة عن نفوذ الجماعات الإرهابيّة في تلك المنطقة , و يمكنها لعب دور إستراتيجي مهمّ في الحرب ضدّ الإرهاب و التعاون مع مصر في إجتياح معاقل داعش , التي باتت تهدّد الأمن القومي – حسب تصريح الخبير الإستراتيجي و العسكري المصري مختار قنديل – . و لجرّ الجزائر أيضا مثلما صرّح الخبير الأمني رمضان حملات “الحرب بدأت في ليبيا ,الجزائر ستجد نفسها مضطرّة لدخولها تحت غطاء عربي أو أممي لمحاربة التنظيمات الإرهابيّة” ممّا أسفر عن إعلان الجزائر منطقة عسكريّة مغلقة على مسافة 974 كلم من الحدود الليبيّة و إنتشار أكثر من 40 عسكري تحسّبا لأيّ تسلّل إرهابي قادم من الخارج . يأتي هذا السياق بعد إعلان أوباما بتمديد حالة الطوارئ في ليبيا عاما إضافيّا نظرا للأوضاع المريبة هناك , و بعد تحويل القاعدة العسكريّة الأميركيّة أفريكوم من شتوتغارت الألمانيّة إلى جنوب إسبانيا تحضيرا لإيجاد موطئ قدم لتركيزها في الدّول الإفريقيّة , و تمترس قوّات عسكريّة “كومندوس” أميركيّة في كلّ من الجزائر و تونس و المغرب تحسّبا لأيّ تهديد إرهابي .
بات من الواضح أنّ أميركا مصرّة عن طريق عملائها في المنطقة على تقسيم البلاد الإسلاميّة و جرّها لمزيد سفك الدّماء عملا بسياسة “الفوضى الخلّاقة” , و على أهل البلاد الإسلاميّة التنبّه إلى مثل هكذا مؤامرات و عدم الإنسياق وراءها و التنبّه لحقيقة الصّراع و العدوّ الحقيقي الذي يتربّص بالإسلام و المسلمين .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

رأي/ غزة.. وكنت من الواهمين أيضا..

تونس – السفير – بقلم العيد القماطي كنت من الواهمين، في أنصار لهيب غزّة، أن يتص…