حوارات - حوارات وطنية - أكتوبر 25, 2015

القاضي أحمد الرحموني للسفير: النقابات الأمنية مكلفة بمهمة سياسية وحزبية.. ومن فتحوا ملف التعذيب وقعت إقالتهم

YOUR EXISTING AD GOES HERE

تونس – حوارات السفير
“الارهاب، الأمن و المواطن” هذه الثلاثية أصبحت المكون الرئيسي في فهم المعادلات السياسية، الاقتصادية و الاجتماعية على المستوى الوطني. تتوالى علينا كمية هائلة من الأخبار و التحليلات و تبنى استراتيجيات للتصدي لهذه الظاهرة، و المدار سؤالين أساسيين “من الجهة الارهابية؟ كيف نواجه الارهاب؟” و هنا تحديدا تتشعب الرؤى و تتعدد وجهات النظر بل و تتصادم المخططات و تتحول الممارسات “الوقائية، الاستباقية” الى انتهاكات دقت عدة أطراف مع تناميها ناقوس الخطر.
من هذا المنطلق، و بخصوص هذه القضية التي تمس جميع فئات المجتمع، كانت لنا مقابلة مع رئيس المرصد التونسي لاستقلال القضاء أحمد الرحموني الذي استقبلنا بكل رحابة صدر.
حاوره محمد أمين المكشاح
-أستاذ أحمد الرحموني رئيس المرصد التونسي لاستقلال القضاء، شكرا لقبولك دعوتنا. أثارت تصريحاتك و خاصة الأخيرة منها على قناة الحوار التونسي ردود أفعال متباينة بين مؤيد و معارض لما ذهبت اليه في القول بالخطر المحدق باستقلالية القضاء و الدور السلبي الذي تلعبه المؤسسة الأمنية و خاصة النقابات التابعة لها.
-بداية، يجب أن أؤكد أننا في المرصد التونسي لاستقلال القضاء نعتبر المكون الأمني سواءا من الحرس الوطني أو من الشرطة أو من الظابطة العدلية مكونا أساسيا للمنظومة القضائية، بخصوص النقابات و ان كنا نسلم طبعا بنشاط نقابي أمني أو حتى النشاط الجمعياتي أيضا، و لكن الظاهرة التي برزت بعد الثورة أي ظاهرة تنامي النقابات و تطورها لم يكن في حدود الاطار القانوني الموجود في مجلة الشغل بمعنى أن النقابة في الأخير هي من مكونات المجتمع المدني و سواءا كانت أمنية أو غيرها تدافع عن المصالح المادية و المعنوية لمنظورها، هذا لا يعني أنها لا تتحدث في الشأن العام و لكن الذي نلاحظه أنها أصبحت ذراعا لأطراف سواءا كانت حزبية أو سياسية و لاحظنا أنه حتى في تعاملها مع القضاء كان هناك تعامل غير مقيد باحداثها، لقد لاحظنا في المرصد كما العديد من أطراف المنظومة القضائية سواءا من الهياكل الممثلة للقضاة أو الهياكل الممثلة للمحامين عدم فهم لطبيعة العلاقات التي تجب أن توجد داخل المنظومة القضائية و كذلك في علاقة مع الأمنيين من قبل النقابات الأمنية و لا ننفي أن لنا علاقات قوية مع بعض الأمنيين.
-هل نستطيع أن نفهم من خلال تصريحاتك ان المؤسسة الأمنية و على رأسها النقابات تعمل في خدمة أجندات جهات حزبية و سياسية؟
-ما لاحظناه في قضايا الرأي العام و الحريات يقع ابراز بعض الوجوه الأمنية سواءا كانت وجوه متقاعدة أو نقابية تؤكد على خطاب مناهض للحقوق و الحريات و هو ما يطبعها، تقوم هذه الوجوه بتجييش الرأي العام و بانتهاج مغالطات و كذلك تمثل واجهة للسلطة سواءا بخصوص ممارسات قضية خلية القيروان أو ما يتعلق بممارسات التعذيب في قضية باردو. الذي نلاحظه هو الدور الذي تلعبه عناصر محسوبة على الأمنيين، هناك عناصر تقدم نفسها على أنها عناصر نقابية هي في الحقيقة اما عناصر معزولة أو متقاعدة تنشط في اطار سواءا جمعياتي أو مسميات نقابية من أدوارها القيام بحملات نفي الحقائق و الانحراف بالموضوع و العمل على ابراز أن القضاء و مختلف مكونات المنظومة القضائية لم تعد تلعب أدوارها و أنه يجب اعطاء الأولوية للمسألة الأمنية دون غيرها، بعضهم أتى حتى بشيوخ مفتين يعرضون على أنهم شيوخ دين و هم شيوخ دنيا في عملية ملفقة و ما يلاحظ أنهم أذرع من جهات حزبية أو أذرع لجهات حكومية يريدون أن يفرضوا عن طريق ترويج الأخبار و الخطاب الذي يعتمد على الاشاعة و الخطاب الذي يعتمد على الارباك و التخويف و التهويل و نشر الأخبار الزائفة و النبش في مسارات شخصية لأشخاص مستهدفين، عدد منهم كانوا منتسبين لنقابة السجون و وقع طردهم و احالتهم على التقاعد أنا أعرفهم شخصيا و لم يكن هناك أي صدام و لم أكن مضطرا للتعليق عليهم بطريقة علنية لكن عندما تعلق الأمر بمسائل خاصة بالحريات أصبح واجبا كشف ما يحدث. الممارسات يتم كشفها ليس بقصد الاضرار بالمؤسسة الأمنية بل لتحسين آداء هذه المؤسسة و تطويرها، يعني بمجرد أن تنقد السياسات تقع عملية التنسيق و عملية ممنهجة في خارج أي أطر أخلاقية.
-عودة سلطة الحزب الواحد، هل تمر من بوابة ضرب المنظومة القضائية بواسطة اطلاق يد دولة البوليس تحت غطاء مكافحة الارهاب؟
أعتقد أن تصور دولة البوليس لم يغادر ممارسات و عقليات عدد كبير من الأمنيين الذين كانو مرتبطين بالمنظومة القديمة، لا أتحدث من منطلق التجني على المؤسسة الأمنية يعني، نحن كنا ناقدين أيضا للمؤسسة القضائية و المؤسسات التي لعبت دورا في الانتهاكات الماضية.
ما بعد بن علي هو امتداد لعقلية الدولة البوليسية تحت غطاء مكافحة الارهاب و بتعلة أنه لا مكان لمنظومة حقوق الانسان في مواجهة الارهاب، هو خطاب خطير يمكن أن يخرب النظام الديموقراطي لأن هناك نفي و سعي لالغاء أي منظومة للحريات في تناقض مع المرحلة التي يقتضيها تأسيس نظام ديموقراطي. هذه المرحلة تستند الى الدستور و تستند الى دولة ديموقراطية و هذا يصطدم مع الخطاب الاتهامي الذي لا يضع في اعتباره أي قيمة للحريات الفردية و العامة، خطاب يريد أن يداوم دولة بوليسية وهو عدو لحقوق الانسان يستغل الهوس و يستغل الوضعية الأمنية التي تعيشها البلاد من أجل أن يرسخ ثقافة مرعبة.
– هل تعرضت بعد تصريحاتك الأخيرة لهجمات أو تهديدات؟
طبعا، جهات وجدت الفرصة التي كانت من أجل طرح موضوع التعذيب و الممارسات و على خلفية الهجمة على القضاة وقع كشف حقائق تنتظر أن يقع فتح بحث تحقيقي، لم يكن الهدف الاساءة الى أطراف القضية أو عرض وقائع خاصة بل كان للتنديد بالممارسات التي وقعت محاولة تقصيها حتى داخل المؤسسة الأمنية، هذه الممارسات كانت محل ادانة من بعض الأطراف من الوحدة الوطنية للأبحاث في جرائم الارهاب و كانت هناك جرأة حتى لبعض محافظي الشرطة أو حتى لمدير الوحدة الوطنية للأبحاث في جرائم الارهاب في محاولة فتح تحقيق في تلك الممارسات، كانت محاولة و وقع اعداد تضمين محضر بحث في ما يتعلق بالاعتداءات الخاصة بالعنف المادي من قبل أعوان الأمن و هذا المحضر في الأخير وصل الأمر حد سرقته، الأمر المدلل بأبحاث و وقع حتى مساءلة من تجرأ من الأمنيين على البحث في موضوع التعذيب دون تعليمات من القيادة، ما تم من بحث لم يتم احالته على النيابة العمومية لأنه توجد قيود داخلية على المؤسسة الأمنية نفسها، تم فتح هذا البحث و كان حتى البعض من الأمنيين على حرصهم على احترام القانون و حماية الحريات الفردية و لكن كلا من محافظ الشرطة الذي قام بهذا البحث اضافة الى مدير الوحدة الوطنية للأبحاث في جرائم الارهاب وقع اقالتهما على خلفية هذه المحاضر، كل هذا يتعلق بقضية متحف باردو، هنا يجب التنبيه أنه لا يعتبر من أسرار التحقيق لأنه لم يقع فتح بحث تحقيقي، ما يعتبر افشاء لأسرار التحقيق ما قاله الخميس 22 أكتوبر الجاري أحد الأعوان الأمنيين الذي يدعي أنه يدير جمعية مستقلة و هو لا علاقة له بالجمعيات هي تمثل واجهات تريد أن تفرض أجندة خاصة و وجهة نظر وزارة الداخلية و هو ما لوحظ، ليس لي مشكل معهم كشخص، لكن يدعي في الأخير أنه يبحث في مسائل علاقات مثلا بين القضاة و بين الأمنيين و هو غير مستقل و مرتبط بأجندات بعض الأحزاب و له أيضا ارتباطات بالمؤسسة الأمنية و الجهاز الحكومي.
-هل من آليات يمكن العمل بها قصد اصلاح المؤسسة الأمنية في علاقة بدعم استقلالية المنظومة القضائية؟
– في هذا الوضع الذي يتضمن التباسات للنقابات أو الجمعيات الأمنية أو الجهات الأمنية بخصوص طبيعة العلاقات مع المؤسسة القضائية، نحن في حاجة الى أن يعاد فعلا النظر في طبيعة هذه العلاقات لأن هذه العلاقات بين الأمن و القضاء هي علاقات مبنية على الوضع الدستوري و كذلك للسلطة القضائية في ارتباط مع الظابطة العدلية، الظابطة العدلية التي يتم عملها بمقتضى انابات عدلية و لا يمكن الادعاء بأي وجه أن الظابطة العدلية أو ما يسمى بالشرطة العدلية تعمل باستقلال عن القضاء لذلك لا يمكن أن يقع تصوير المسألة على أن هناك جهد أمني مهدور و أن الأمن يحرص على القبض على الارهابيين و القضاء يقوم بالافراج عنهم، هذا التصوير هو مناقض للدور الذي بمقتضاه وقع بناء المنظومة الجزائية التي تقوم على اشراف قضائي و تعلم أن القضاء كما ضمن الدستور يبقى حامي الحقوق و الحريات و هو الذي يضمن الحريات الفردية و العامة و يقوم بوضع المعايير للضوابط الخاصة سواءا بالأمن العام أو الدفاع الوطني أو الأخلاق الحميدة، القضاء في الأخير هو سلطة دستورية معدلة بسلطات و لا يمكن الحديث عن الأمن أو الظابطة العدلية في علاقتها بالقضاء على أنها بنفس الدرجة من الصلاحيات، و من الضروري أن نؤكد على ضرورة احالة الظابطة العدلية من الاشراف الوظيفي لوزارة الداخلية الى الاشراف الوظيفي المباشر للقضاة الباحثين لأنه لا يمكن أن توجد استقلالية حقيقية للرابطة العدلية الا باشراف مباشر و وظيفي و وحيد من قبل القضاء، لأنه اذا كان ستبقى الرابطة العدلية تحت اشراف وزير الداخلية المباشر سواءا في أجورهم أو ترقيتهم أو بالنسبة للمعايير الأخلاقية نفسها هذا سيؤدي الى الاضرار بحقوق المتقاضين و حيادية الأبحاث و هو ما رايناه فعلا لأنه كظابطة عدلية تعمل بانابة عدلية و تعطي نتائج هذه الانابة الى وزير الداخلية قبل أن يطلع عليها قاضي التحقيق أو النيابة العمومية، فالى أي حد يمكن أن نتحدث عن سرية التحقيق و عن اشراف مباشر للقضاء على الأبحاث و عن ضمانات للمعتقل؟
 
 
 
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

رئيس تجمع الأشراف الليبي لـ”السفير”: مشروع ميثاق الشرف من أجل السلام سيكون لكل الليبيين ومن أجل أمتنا الليبية..

تونس – السفير • تونس منَّا ونحن منها .. السيد المهدي الشريف أمين عام تجمع أشراف ليبي…