YOUR EXISTING AD GOES HERE

بقلم : الناصر الرقيق

بعد أن حطت الإنتخابات أوزارها، و بدا لكل حجمه بين التونسيين، سمعنا و شاهدنا للأسف الشديد عدد من الذين يفترض أنهم نخب سياسية و ثقافية قد نصبوا محافل سبّ و شتم لبعض مناطق الجمهورية التي كان فيها التصويت على عكس هواهم، غير أنه يبقى الجنوب التونسي أكثر المناطق التي نالت حظها من عفن هؤلاء المجاميع لا لسبب سوى لأن الجنوب قد صوت و بشكل كاسح لحركة النهضة، و لا أعلم على وجه الدقة ما العيب في ذلك؟…فيكفي أن نعلم أن زعيم حركة النهضة و عدد من أبرز قيادييها ينحدرون من الجنوب التونسي و أن أهل الجنوب محافظون بطبعهم و هذا معلوم أيضا و المشاكل التاريخية بينهم و بين النظام المقبور…لنفهم الحضور القوي للنهضة هناك…و حتى في أعرق الديمقراطيات نجد أن للأحزاب المتنافسة مناطق نفوذ تاريخية و لم نرى أو نسمع مثلا سياسيا أمريكيا من الحزب الديمقراطي يشتم ولاية تكساس لأنها معقل للجمهوريين.
أما في تونس فعادي أن تشاهد أحد المحللين المزيفيين المريض إيديولوجيا يشتم الجنوب التونسي لأن أهله إختاروا التصويت لحركة النهضة…مثل تلك العاهات الفكرية هي التي كانت سبب في الفشل التاريخي لدولة ما بعد الإستقلال و هي التي نبتت و تربت تحت حكم ديكتاتوري تنظر و تفصّل له طرق التسلط الواجب إتباعها للتحكم برقاب الناس أكثر وقت ممكن…فحتى حين حدثت الثورة جميع الشعب فرح بها بمن فيهم شتات التجمع المقبور من العامة لأنهم بدورهم كانوا مقهورين ” و عايشين تحت صبّاط أسيادهم “…إلا أولائك الذين يسمّون زورا نخب فكرية فقد حزنوا أيّما حزن على هروب المخلوع…و راجعوا تسجيلاتهم لحظات قبل إعلان الفرار و سترون مدى ولائهم للديكتاتور.
لم يتربوا على الحرية، عيشهم جلّه بين خماّرة و أخرى، لا تكاد نقاشاتهم تخلو من الحديث عن الجعّة و الجنس يتخلّلهما ما قال ماركس و إنقلز و كيف أعلن خوجة الإلحاد بعد عمق تفكير في ماهية الربّ…عاشوا في جلباب الطغاة دهورا من الزمان يحسبون بذلك أنهم يحسنون صنعا…هم لا يعترفون بالشعوب و حقها في إختيار من يحكمها…هم يرون أن الشعوب أو البروليتاريا ليست إلاّ أدوات بيد المفكّر المثقف الذي يستعملها كيف ما شاء…لديهم تعالي غريب عن الشعب لذلك تراهم يعيشون غربة عن مجتمعاتهم…مجاميع منبوذة فكريا و أخلاقيا لا تكاد تجد من ينصت إليهم…خطاب مقزز إلى أبعد حد…و على الرغم من فشلهم الذريع و الواضح و الذي لا تخطؤه العين فقد ظلوا يفاخرون بإنتصار غيرهم.
لست في معرض الدفاع عن الجنوب التونسي و أهله لأنهم في مرتبة أرفع من أن ندافع عنهم…و هم فعلا لا يحتاجون ذلك لأن تاريخ المرء وحده من يدافع عنه…و الجنوب الذي أنجب الدغباجي و محمد علي الحامي و الطاهر لسود و الأخوان خريّف و غيرهم كثير من المجاهدين و الكتاب و الشعراء و المثقفين الحقيقيين الذين خدموا تونس دون حسابات لا يمكن لقطعان من المنبتّين فكريا أن تنال منه… و رحم الله الشافعي حين قال :
أعرض عن الجاهل السّفيه—–فكلّ ما قال فهو فيه
ما ضرّ نهر الفرات يوما——أن خاض بعض الكلاب فيه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

رأي/ غزة.. وكنت من الواهمين أيضا..

تونس – السفير – بقلم العيد القماطي كنت من الواهمين، في أنصار لهيب غزّة، أن يتص…