YOUR EXISTING AD GOES HERE

تونس – السفير
بقلم: عبد الحكيم قعلول (باحث جامعي تونسي)
ثمة مقولة اشتهرت على ألسن الناس تقول، إن الثورات يخطط لها العباقرة ويصنعها الشجعان ويستغلها الجبناء، ويبدو أن هذه المقولة تنطبق إلى حد ما على الحالة التونسية، لجهة محاولة الجبناء سرقة الثورة عبر الجماهير نفسها التي صنعتها وضحّت لأجلها. أي مواطن تونسي متابع ولو بنسبة متواضعة لا تغيب الفكرة عن ذهنيه. اختفاء أولي ثم ظهور رجال زين العابدين بن علي في المشهد التونسي دون محاسبة، وكأنهم لم يكونوا داعمين للديكتاتور، مع عودة كبار المتملقين والمنافقين والطبالين الإعلاميين الذين نفخوا في الطاغية، واستقبلتهم الصحافة التونسية للزعم بأنهم ثوار، ثورة تقوم ولا تُحاكم العهد القذر والنتن لبن علي عن ثلاثة وعشرين عاماً هي ثورة يجب أن تعود إلى القصبة لتكمل مطالبها. لان إعادة إنتاج النظام البائد بدا مع تضخم الوحش الأمني المتطرف والمصالحة مع الفاسدين الناهبين للوطن، ومصيدة الانتخابات، ولعبة التخويف، وسياسة فـرقْ تـَـسـدْ ، التي جعلت التونسيين فرقا وأحزابا ومزايدين وجماعات تتصارع على كعكة الثورة، انها أم الجرائم، ومع هذا كله و في هذه اللحظات قال كثير من نخبنا المزيفة والانتهازية وزبانية من شعبنا سيدنا المزور التاريخي للانتخابات الباجي قايد السبسى ، لقد ضقنا ذرعا بالانتظار، فافتح لنا المصيدة، ونحن نعـدُك أن نرقص، ونفرح، ونغنى، ونحمد الله لأنه سبحانه وتعالى، أرسل لنا شيوخ الارشيف أنبياء العصر، ونتعهد بأننا لن ننصت لأحد يريد أن يدخل الريبة في قلوبنا، أو يشكك في عرشك، وقضائك الشامخ. والمصيدة لا تحتاج لأكثر من هذا بما أنها في حراسة جنرالات “وطنيين أبطال” في الإعلام والأمن، ورجال الاعمال “الشرفاء” وقضاة يمثلون عدالة السماء على الأرض، وحينئذ سيدخل نصف أفراد الشعب طوعا، ويلحق بهم النصف الآخر كرها، فكان لهم الامر كما اردوا،من خلال انتخابات باهتة ، فلقد قرر شعبنا أن ينام مع التجمع القديم الجديد ليتأكد من شخيرهم، ناموا نوماً عميقاً ، ليستيقظوا على صوت الانتخابات فنصف التونسيين يحتفلون بالانتصار على النصف الآخر، استيقظ الذين منهم من يؤمن أنهم أعرف بالدين من النبي صلى الله عليه وسلم، في نفس الوقت استيقظ اليسار الذي منه مجموعة تطل عبر الإعلام المقروء والمرئي بفتاوىَ فجة، وعفنة، ومليئة بالكراهية تجاه شركاء الوطن المسالمين السلميين ، سيناريو بغيض وكئيب يرقص له طرباً المخلوعُ وأخواته، ويستعد المنقــِـذ السبسى بدعم أمريكي وفرنسي ومؤامرة داخلية من تأليف الحوار او الحمار الوطني ففصلت قوانين الانتخابات وممارسة الحقوق المدنية علي مقاس القايد السبسي، و يصوت للباجي مليون وربع يقوده خليط من بلطجية وقتلة وأصحاب سوابق وأعضاء التجمع سيئ الذكر ولصوص وانتهازين ومغرر بهم واصحاب نفوذ قديمة جديدة، هذا هو حال تونس اليوم
غير ان الواقع يقول طالما كان واحدٌ من عصابة النظام السابق طليقا، فلن تعرف تونس السلام ساعةً واحدة، وكان من المفترض ككل الثورات المنتصرة في التاريخ أن يلتف حبل المشنقة حول عنق الطاغية وأعوانه المقربين، لكن الثورة المضادة تركت لهم الزاوية مفتوحة للرسكلة والعودة.
اننا نهيب بكل الثوار وعاشقي الحرية والكرامة والمؤمنين بأن كل المسؤولين في المشهد التونسي الحالي مشتركون في سرقة الثورة ومنجزاتها ومكتسباتها،ولا ننسى أن كل مطالب الثورة لم تتحقق، وأن المجلس الشعب المنتخب يحتقر شبابنا وثورتنا وجماهير شعبنا الذين يسدد لهم دافع الضرائب التونسي المسكين نفقات الزيادات والرفاه.
ولن تنجح الثورة في تكملة دورها الطاهر والتحرري والعظيم قبل أن يكتشف شعبنا أن شباب الثورة فقط هم الأطهار، وأن الجماهير التونسية دخلت المصيدة طواعية وفي سعادة بالغة، وأعطت وجهها العاري بنشوة عارمة لصفع خصوم الثورة و الوطن.
ولن تنجح الثورة في تحريض الشعب للوقوف معها قبل أن تصرخ البطون الخاوية، التونسيون الآن يضعون أصابعهم في آذانهم، فهم يرفضون معرفة الاسم الحقيقي للمجرم خشية أن يكون منهم أو مثـلهم الأعلى، انتهت فرحة النصر، ووثب علىَ الكعكة حزبيون ومتدينون وعلمانيون واشتراكيون وامنيون وحرامية وبلطجية وازلام ، في الوقت الذي كان يفرح فيه الثوار بكل لص يـطـل عليهم من فضائية يقول بأنه ثائر، وأنه يؤمن بمباديء الثورة ومطالبها، حتى لو كان لدينا ألف دليلا على أنه مرتشى، ومجرم، وزلم، وكاذب، ومُخادع
ظهر سارقوا الثورات يحمل كل منهم على كتفيه إرثَ حزب أو تعاليم أو نصائحَ شيطان، أو تاريخاً من المراوغة والغش ، أو بلادة فكرية أو أيديولوجية، فتصارع الثوار الى من ينحازون أكثر، وتشتتوا، وتفرقوا، وكانوا الأكبر في القصبة، فأصبحوا الأصغر وهم يبتعدون عنها، يكتفون بلقاءاتٍ في فضائيات تنفخ الثورة أمامهم، وتـفرغ الهواء منها بعدما يغادر الضيوف الصغار
ولست أدرى كيف نقتنع جميع أننا عندما نكون جمعا فاننا أقوياء ولماذا لا يؤمن التونسيون بأن تونس بلدهم؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

رأي/ غزة.. وكنت من الواهمين أيضا..

تونس – السفير – بقلم العيد القماطي كنت من الواهمين، في أنصار لهيب غزّة، أن يتص…