YOUR EXISTING AD GOES HERE

تونس – السفير
بقلم: المختار غميض (إعلامي تونسي)
ما من شك ان المشهد الليبي لم يكن على غاية من التعقيد بالأمس البعيد أكثر مما هو عليه اليوم، ربما هو عائد الى عُقد من عقيد معقّد كما وصفه كتاب، والى سنوات عجاف قيل فيها إنه لا ثورة بعد الثورة (أي انقلاب 69)،.. لم يصح العقيد الليبي من غفوته تلك إلا وهو بين قبضة الثائرين حتى دخلوا طرابلس محررين فانتصرت الثورة الوليدة.
وجد اللاعبون السياسيون الجدد أنفسهم في أرض بلقع لم تكن للأحزاب السياسية فيها منبتا فتشكلت أحزاب وعاد من عاد إلى أرض الوطن.
بيد أن أكبر حزبين كان لهما تأثيرا واضحا على الساحة السياسية بعد الثورة الفبرايرية هما حزبا تحالف القوى الوطنية العلماني الليبيرالي وحزب العادلة والبناء المحسوب على جماعة الاخوان المسلمين.
ورغم ان هذا الحزب اسلامي ووسطي ولم يعرف عنه قيامه بأي عمل ارهابي فقد وُوجه بتهم الوقوف عقبة أمام بناء دولة حديثة بعد أربعة عقود من التصحر السياسي.
ورغم كذلك قصر تجربته وتعاطيه السياسي -خاصة مع وضع مابعد ثوري يتسم بالتحرك المستمر- كغيره تماما من الأحزاب إلا أن حزب العدالة استطاع أن يكون حاضرا في الواجهة السياسية عبر مشاركته في الحكومة ممثلا بذلك الجناحالحاكم للإسلام السياسي، وينفي الحزب علاقته بالحركة الدينية الدعوية.
أما قيادات الحزب فتنفي الاتهامات آنفة الذكر وتعتبرها من مصادر ثورية مضادة ومن بقايا النظام السابق هدفها خلخلة الحزب والبلاد حتى يشتاق المواطن البسيط إلى عهد الدكتاتورية.
وعلى الرغم من أن الحزب لم يذكر نظرية المؤامرة إلا أنه تعرض إلى حملات من التشويه والتضليل والشيطنة ويبرر تلك الحملات بنجاحه في أول انتخابات ديمقراطية شهدتها ليبيا وهو بدأ فعلا مع بروز حراك “لا للتمديد” لسحب البساط من تحت أقدام المؤتمر الوطني الحاكم الذي يشكل الاسلام السياسي أغلب مقاعده.
وهي سياسات حققت نوع مّا من أهدافها مع فوز تحالف القوى الوطنية بالمرتبة الأولى في الإنتخابات التشريعية الثانية التي تحول معها مجلس النواب الى طبرق وانقسمت البلاد الى حكومتين لدولة واحدة.
وبالتالي نجحت أطراف في دق اسفين القبيلة والاطماع السياسيوية والتجريم والتخوين بين ابناء الوطن الواحد.
ذلك الإنقسام الداخلي غذته بل عملت من أجله لا محالة جهات خارجية وُجهت فيها أصابع الإتهام إلى دولتي الإمارت ومصر بتنفيذ اجندة انقلابية وبمد قوات حفتر بالسلاح لكن مع ذلك لم يصنع حفتر تغييرا كما ان سياسة السعودية الجديدة مع سلمان تبد نفس الحزم الذي اولته للشرعية في اليمن تجاه ليبيا وموقفها من مصر خير مثال.
ذلك الترهل في الموقف الخليجي زاده الموقف الامريكي فتورا، فواشنطن لم تضع التدخل العسكري على اجندتها بقدرما اعطت كل الاولوية لجهود بعثة الدعم الاممية كما تميل الولايات المتحدة الى استعراض القوة العسكرية اكثر، مقابل ذلك تتدخل اين شاءت وأنى شاءت وكيف شاءت وهنا نذكر كيفية اعتقالها لأبي أنس في قلب العاصمة الليبية.
الى ذلك تولى واشنطن الاهمية لتجميد أصول مالية ليبية و تثبيت سعر البترول المرتبط ارتباطا بعملتها.
تلك المصالح الامريكية مرتبطة كذلك بالحليف البريطاني وهو ماجعلهما يرفضان رفع حظر التسليح على “الجيش الليبي”.
الولايات المتحدة حذرت مرارا وتكرارا الاوربيين من مغبة التدخل العسكري وهو تعلم جيدا ان ذلك من شأنه مفاقمة الازمة وتقسيم البلاد النفطية وهو الامر الذي عجزت ايطاليا عن فعله رغم التلويح به قبل حوار الصخيرات وبعده.
نفس الشيئ بالنسبة إلى فرنسا التي سعت الى دعم تحالف القوى الوطنية ليكون لها وكيلا وإيجاد موطئ قدم جنوب ليبيا بحجة محاربة الإرهاب واستمالة تشاد والنيجر لقتال بوكو حرام ضمن قطب أساسه الحقيقي فرنسا الاستعمارية وسياسات لا تخرج عن ذلك الإرث.
أما دول الجوار الليبي فلا حول لها ولا قوة فقد اجتمعت مرات وفي كل الدول المجاورة تقريبا وكانت قراراتها ضعيفة والادهى والامر أنها كشفت عن تباين المواقف وعومل التفرقة العربية وباختصار لا يمكن جعل مخرجاتها قاعدة لرؤية مشتركة تتفق بشأنها دوائر صنع القرار في كبريات دول العالم.
في هكذا وضع ليبي فوضوي ترتع الميليشيات شرق البلاد وغربها مستفيدة من توفر الذخيرة حتى خرقها تنظيم الدولة الاسلامية والإرهاب الدولي ومن لف لفه محاولا بسط نفوده على الهلال النفطي
بينما يبقى الوسيط الدولي برناردينو ليون متمسكا بتلابيب الحوار من عاصمة عربية الى أخرى غربية مبديا تفاؤله في كل جولة لكأن التفاؤل وحده كفيل بإرساء اتفاق نهائي، وفي المحصلة فإن المبعوث الدولي لي يستمر طويلا في نزع التنازلات اذا لم يتنازل الليبيون انفسهم ويدركوا مصلحتهم وهو السيناريو الاكثر توقعا فقد ذاقت كل الأطراف ضرعا من الصراع، لذا سيحاول وفد المؤتمر انتزاع ما يمكن انتزاعه وإلا فإنه سيجد نفسه مرغما على التوقيع حذر الإنقسام على نفسه وتصبح ليبيا بالتالي أمام تقسيم المقسم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

رأي/ غزة.. وكنت من الواهمين أيضا..

تونس – السفير – بقلم العيد القماطي كنت من الواهمين، في أنصار لهيب غزّة، أن يتص…