YOUR EXISTING AD GOES HERE

تونس – السفير – ظافر بالطيبي

لايبدو أنّ العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا سوف تكون سريعة ولا محدودة. كما لا يبدو أنها ستكون بتلك السهولة أو الكيفية التي توقعها رفاق بوتين قبل الدخول في حرب مفتوحة على كل السيناريوات والاحتمالات في ظل وضع إقليمي وعالمي متشابك ومعقّد.

فالأوضاع الحالية في أوكرانيا صعبة وحساسة والأيام المقبلة ستكون على ما يبدو من الأحداث أكثر سخونة ودموية لاسيما بعد تعطل مباحثات الهدنة ووقف إطلاق النار وكذلك بعد التطورات على الساحة الميدانية بعد ردّة الفعل الدولية الغير مسبوقة والمساندة لأوكرانيا دون شروط في تصديها للعدوان الروسي.

وقد نشرت وزارة الدفاع الأوكرانية استهدافها بطائرات مسيرة من نوع بيرقدار –كانت قد تحصلت عليها العام الماضي في صفقة مع تركيا- آليات عسكرية روسية في عدد من مناطق العمليات في أوكرانيا، وأعلن وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف سقوط أكثر من 5 آلاف قتيل في صفوف القوات الروسية وأسر المئات منهم حسب قوله.

مساندة دولية قوية

وبالإضافة إلى تماسك الجيش الأوكراني الذي كذّب توقعات روسيا بانهياره أمام قواتها في غضون أيام ما جعلها تهدد باستعمال ترسانة أسلحتها الاكثر تطورا وفتكا، بل وحتى التلويح باستعمال قوّة الردع النووي، إضافة إلى ذلك، بدأت المساعدات الأوروبية تتدفق على أوكرانيا ماديا ومعنويا ما يمكن أن يشكل خطرا فعليا في احتمالية تغيّر مسار الحرب الحالية إلى ما هو أوسع واكبر وأطول..

فمعنويا ساندت أمريكا وأوروبا، اوكرانيا عبر رسائل الدعم الكبيرة من شتى الأطراف وكذلك عبر الحملة الأوروبية والأمريكية الغير مسبوقة ضدّ روسيا التي وصلت حد العقوبات الاقتصادية والمالية ضدّ البنوك الروسية وبتجميد أصول بوتين وكبار معاونيه المالية في الخارج.. بل وصلت العقوبات إلى ميدان الرياضة حيث أقصت الفيفا المنتخب والفرق الروسية من ألعابها وكذلك التصفيات الأوروبية.

ماديا أعلنت عديد الدول مساعدات عسكرية ومالية سريعة وهامة للجيش الأوكراني والمتطوعين المدنيين في الحرب، من أهم هذه الدول هولاندة وألمانيا وأستراليا وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية.. رغم علاقتها الاقتصادية المهمة مع روسيا. إلى جانب نشر حلف الشمال الأطلسي على رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية آلاف الجنود في الدول المجاورة لأوكرانيا منها بولندا ورومانيا وألمانيا.. كما منعت تركيا مرور القطع البحرية العسكرية الروسية من مضيقي الدردنيل والبوسفور القادمة إلى البحر الأسود ما سوف يحدّ من العمليات البحرية العسكرية الروسية ضد أوكرانيا.

مقاتلون أجانب وحرب مدن

كانت وزراة الدفاع الأوكرانية قد صرحت تلقيها طلب آلاف الاجانب الالتحاق بمقاومة الغزو الروسي من مختلف الدول الأوروبية ما يمكن أن يؤدي إلى تشكيل فيلق قوات اجنبية مساندة للجيش الأوكراني في عمليات تصديه للعمليات الروسية لاسيما وأنّ سيناريوات دخول مرحلة حرب المدن والعصابات بات قويا مع تقدم مزيد من الأرتال العسكرية الروسية نحو العاصمة كييف. وهو ما قد يفتح على مشهد الحرب الأوكرانية احتمالات وفرضيات وسيناريوات جديدة ومعقدة ما يؤشر إلى أنّ هذه الحرب قد تكون مفتوحة المدى وغير محدودة إذا ما تم فعلا الدخول في هذه المرحلة. لاسيما وأنّ السيناريوات المماثلة غير بعيدة وبالتحديد السيناريو السوري والليبي وقبلهما العراقي، حيث تم تدفق الفصائل المسلحة الأجنبية إليها ما ادى إلى مزيد تعقيد الأوضاع وإطالة أمد الحرب التي تحولت فيما بعد إلى حروب اهلية مدعومة خارجيا. خاصة وأنّ روسيا تستعمل هي الأخرى مقاتلين أجانب في صفوفها على غرار الشيشانيين وكذلك الانفصاليين الأوكران في الشرق. ويبدو أنّ هذا السيناريو غير بعيد على ما يحدث اليوم في أوكرانيا لاسيما أن تحولت العمليات العسكرية إلى حرب مدن وشوارع.

أوضاع إنسانية متفاقمة

مثل كافة الحروب يدفع المدنيون الثمن في جميع الأحوال، حيث بدأت الأوضاع الإنسانية في اوكرانيا بالتدهور مع موجات اللجوء التي قد تصل أو تفوق  حد أربعة ملايين لاجئ إلى دول الجوار وخاصة بولندا التي بدات تحسن عمليات قبولها للاجئين الفارين من أتون الحرب والغزو الروسي لبلادهم. ويزداد الوضع الإنساني تفاقما هناك مع موجة البرد التي تمر بها المنطقة إلى جانب الأوضاع الأمنية المتردية وظروف الإقامة والمعاملة بالإضافة إلى محدودية الإمكانيات. ورغم الفزعة الأوروبية القوية لإغاثة أوكرانيا ومساندتها إلا أن الوضع الإنساني هناك مرجح لمزيد التفاقم والتدهور لاسيما مع إمكانية استمرار الحرب إلى فترة طويلة وقد تكون مفتوحة لاسيما في صورة فشل مفاوضات التهدئة ووقف إطلاق النار. وهو سيناريو يذكرنا بالسيناريو السوري الذين كان للروس فيه دور كبير حيث مازالت الأوضاع هناك غير مستقرة ومازالت مخيمات اللاجئن الفارين من نار الحرب تعاني رغم كل محاولات الإحاطة الدولية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

همزة: تونس مُفردة في محل جرّ.. بفعل فاعل مبني للمجهول..

تونس – السفير – ظافر بالطيبي يقول اللغويون أنّ الحال دائما ما يكون منصوبا، إلا…