حوارات - حوارات عربية - سبتمبر 15, 2015

خاص/ إسكندر الرقيق لـ"السفير": وزارة الداخلية تتآمر على الحريات العامة في البلاد بالتنسيق مع الجوقة الإعلاميّة.. وبطيخ مخيب للآمال..

YOUR EXISTING AD GOES HERE

تونس – حوارات السفير
مواكبة للشأن المحلي التونسي وتطوراته السريعة على كافة المستويات الوطنية لاسيما منها السياسية والاقتصادية والحقوقية، كان لنا حوار ثري وجريء مع الناشط الحقوقي والسياسي والخبير الاقتصادي إسكندر الرقيق الذي تحدث بكل عفوية وجرأة عن الواقع السياسي والديني والحقوقي في تونس في ظل حكومة السيد الحبيب الصيد وحكم الائتلاف الرباعي بقيادة حزب الأغلبية نداء تونس..
حاوره: ظافر بالطيبي
skandar-rekik
أين غاب السيد إسكندر الرقيق على مدى الفترة الماضية حيث لم تعد تظهر في المشهد العام السياسي والإعلامي مثل السابق؟
لم أغب عن مشهد الشأن العام ، مازلت أبدي رأيي في كل المستجدات عبر صفحتي الرسمية وأحاول أن أعبر عن رأيي بكل وضوح وبدون أي حسابات سياسوية أو ماكياج “نفاق” اجتماعي…
ومازلت أنشط في المجتمع المدني وأنا بصدد تجهيز بعض مشاريع اجتماعية ستبرز للنور قريبا ان شاء الله…
لكنني غُيبت عن المشهد الإعلامي عمدا، فكأن هناك كلمة سر وأوامر أعطيت لمعظم وسائل الإعلام بكل أطيافها لتغييبي وعدم دعوتي للمشاركة في برامج حوارية ونقاشات تلفزية أو إذاعية..
تركت العمل السياسي منذ فترة واخترت النشاط المدني والاجتماعي صلب بعض الجمعيات هل كان هذا الخيار صائبا بالنسبة لكم أم أنه قد تبين لكم العكس بعد ذلك؟
تركت العمل الحزبي الضيق لا السياسي الرحب نظرا لأن الفترة امتازت بخلط كبير للأوراق ونزاع شديد حول المواقع في الأحزاب، لذا فضلت الابتعاد عن المستنقع الحزبي حتى تُصفى الأمور وربما تبرز أحزاب قوية بها مناضلون متجردون في خدمة الشأن العام لا خدمة أجنداتهم الخاصة أو إديولوجياتهم المفرقة أو إشباع رغابتهم الزعاماتية الشخصية.
كما أني انخرطت في العمل المدني والاجتماعي لإحساسي بأنه أكثر تجرد وفاعلية في العطاء بدون حسابات. وأعتبر ذلك خيارا صائبا في هذه المرحلة … وسيظل خيارا مرحليا له ما بعده إن شاء الله.
تشهد الساحة السياسية الآن تطورات وتجاذبات عديدة منذ الانتخابات الفارطة ونتائجها المفاجئة نوعا ما، فما رأيكم في التوجه العام للبلاد حاليا لاسيما الصعيدين السياسي والاقتصادي؟
البلاد تشهد استقرارا سياسيا كبيرا وحكومة تتمتع بدعم كبير من ثلثي البرلمان المنتخب – وهذه حالة جسدة- لكن مع ذلك ، ما فتئت هذه الحكومة إلا وترتكب كل يوم حماقات وتفشل وتتلكأ في معالجة الملفات الاقتصادية الحارقة..
الحكومة كل يوم تعطي للمعارضة – المتشرذمة أصلا – أدوات جديدة تقويها والحكومة والأحزاب المكونة والداعمة لها كل يوم تسمح للمنظومة الأمنية بتضييق الخناق حول رقبتها ورقبة السلطة التشريعية ورقبة الشعب، تحت ذريعة محاربة الإرهاب. وكل يوم السلطتين التشريعية والتنفيذية تسلم الحبل والمقود للمنظومة الأمنية لكي تسير البلاد وتتمكن من مفاصل الدولة من جديد. وهذا هو الخطر الكبير على تجربة هذه البلاد وهي تسير نحو انتقال ديمقراطي نتمى أن يكون هادئا وسلسا.
وإذا ما رأينا تجارب الانتقال الديمقراطي في العالم نجد أنها فشلت إما من المنظومة الأمنية للحرس القديم، وإما من طرف مافيا المال والأعمال ونحن نعاني من الإثنين معا … وربي يقدر الخير…
البلد على صفيح حارق على المستوى الاقتصادي وهذا من شأنه أن يربك الوضع السياسي من خلال تحركات اجتماعية قد تخرج عن السيطرة، وكل يوم تتسع الهوة بين النخبة السياسية وعامة الشعب الذي وضع ثقته فيها..
يثير قانون المصالحة لغطا وجدلا كبيرين على الساحة ما قولك في هذا القانون وتوقيته وهل تعتبرونه نوعا من التطبيع العلني مع نظام بن علي أم أنه مجرد خيار اقتصادي للخروج من المأزق الذي تعيشه البلاد؟
المصالحة هو خيار استراتيجي لا بد منه ، لكن بشروط و بآليات واضحة تضمن سرعة المصالحة التي يجب أن تكشف لنا مواطن الخلل التي استفادت منها منظومة الفساد في الأيام الخوالي..
فالمصالحة التي لا تسبقها مساءلة صريحة ومحاسبة دقيقة والتي من شأنها أن تسمح بعودة منظومة الفساد لكي تعشش من جديد في مفاصل الدولة لا خير فيها لتونس ولانتقالها الديمقراطي…
فلا بد من قطع دابر الإجراءات الإدارية البيروقراطية وسد جميع الثغرات القانونية والإجرائية التي سهلت الفساد في السابق… أما سياسة “بوس خوك وروح” ، وعفى الله عما سلف ، فهذا لا ينفع مستقبل الانتقال الديمقراطي الذي نريد أن نرسي من خلاله دولة القانون والمؤسسات ونعلن الحرب على الفساد والمحسوبية والرشوة والبيرقراطية المعيقة للتنمية.
ما قولك في آداء الحكومة وبعض وزراء الصيد وخاصة وزير الشؤون الدينية وما يقوم به من عزل متواصل للأئمة؟
خيبة أمل كبيرة في كثير من أعضاء حكومة السيد الحبيب الصيد، وعلى رأسهم الوزير الحالي بطيخ والمفتي السابق للمخلوع بن علي وحرمه. بعض الوزراء لهم أخطاء كارثية وبعضهم وقع في فخ عناكب الفساد التي تعشش في أقبية وأروقة الإدارة التونسية. من الواضح أن وزارات اليوم تسير بنفس النمط التي كانت تسير بها الوزوارات في عهد بن علي. لذا لا أتوقع أي إصلاحات جذرية تنعكس إيجابا على الحياة العامة ولا حياة المواطنين. فالأسلوب أسلوب مسكنات وماكياج لإدارة عجوز مترهلة متهالكة تأكل في 13 في المائة من ناتجنا القومي الخام.
يتكلم عديد المتابعين اليوم عن تردي واقع الحريات مقارنة بالفترات السابقة وعودة علنية للقمع والممارسات البوليسية البائدة هل ترى أن هناك تهديد فعلي لواقع الحقوق والحريات في تونس؟
بؤرة الردة على الثورة، ومركز التآمر على الحريات العامة هي وزارة الداخلية والمنظومة الأمنية ، هذه المنظومة ، وتحت ذريعة محاربة الإرهاب وتخويف الشعب من الدواعش وجهاد النكاح.. وبالتعاون مع جوقة إعلامية تعزف كل يوم سنفونية جديدة متناغمة مع سياسة أمنية تُطرز في أروقة الداخلية، تحاول جاهدة التحكم من جديد في مفاصل الدولة والسيطرة على المسار السياسي والاقتصادي في هذه البلاد التي تتطلع لبناء الجمهورية الثانية المتصالحة مع قيم الحرية والشفافية والحوكمة الرشيدة.
ما زلت أتوقع المزيد من محاولات تدجين الشعب وتركيعه، لكن المجتمع المدني والأحزاب أثبتت أنها بالمرصاد لإفشال هذا المخطط الذي منشأه وزارة الداخلية المتحالفة مع ذراع أخطبوط الإدارة البيرقراطية الفاسدة وجوقة الإعلام النوفمبري. ولولا الشرفاء المتواجدون في الأمن والإعلام والإدارة، ولولا قوة المجتمع المدني، لنجح المخطط منذ فترة..
بعض وسائل الإعلام تقوم بمهاجمتكم واتهامكم بعدد من التهم حول فساد وتهريب عملة وغيرها على غرار الثورة نيوز ما ردّك على مثل هذه الاتهامات وما خلفياتهم؟
الثورة نيوز فاقدة لأبسط مقومات المصداقية، فهي من النشرات أو الصحف الساقطة أخلاقيا والتي تبتز بعض الشخصيات الوطنية ولا تؤثر بتاتا فيمن تتهمهم زورا زبهتانا. ومن المؤكد أنها تتعامل بع بعض الأمنيين الفاسدين الذين يتتبعون أخبار الناس ويتجسسون عليهم وينقلون لها تحركاتهم لإضفاء نوع من المصداقية المغلوطة على تقاريرهم الكاذبة.
فمثلا أتسائل كيف علمت الثورة نيوز العام الفارط بالرحلة التي قمت بها مع عائلتي بالتدقيق والتفصيل الممل، وكيف عرفت يوم وموعد إقلاع الطائرة إلى بوسطن عبر باريس وكيف رصدت من أوصلني للمطار في صبيحة ذلك اليوم وكيف عرفت نوع السيارة التي كنت أركبها مع عائلتي؟؟ كل التفاصيل الدقيقة عن رحلتي لأمريكا مع عائلتي لحضور حفل تخرج إبنتي التي تدرس في نيويورك علمت بها الثورة نيوز وهي معلومات صحيحة ودقيقة جدا.. لكن أضافت لها أنني قمت بتهريب عملة صعبة في أدباش ابنتي الرضيعة في تلك الرحلة.. وهذه هي سياسة دس السم في الدسم.
هم يأتون للقارئ بقصة حقيقية وثقتها لهم أجهزة استخبارات أمنية على اتصال بالجريدة، ثم يضيفون عليها بهارات الكذب والبهتان للنيل من أعراض الناس واتهامهم بجرائم شتى منها تهريب الأموال أو تمويل الإرهاب …
لكن الغباء لدى مالك ورئيس تحرير هذه الجريدة ليس له حدود، لأنه غفل عن حقيقة مهمة جدا وهي أن الأموال لا تهرب لأكبر وأشرس دولة في محاربة تبييض الأموال والتهرب الجبائي والتي هي أمريكا. هو مغفل، ويظن أن قرّاءه القليلون مغفلون مثله. لكن أقول يا جبل ما يهزك ريح والله المستعان على ما يصفون من كذب وبهتان..
هل تعتقد أن الائتلاف الحاكم الحالي قد يستطيع تجاوز التحديات الاقتصادية والسياسية والأمنية المقبلة أم ترى أنه لابد من تغيير قريب على مستوى الحكومة وحتى الائتلاف؟
وما رأيك في الدور الذي تلعبه المعارضة الحالية في تونس ومدى قدرتها في تحسين آداء السلطة الحاكمة..؟

الإئتلاف الحاكم يجب أن يحور في تشكيلة الحكومة التي أعتبرها غير قادرة على تجاوز التحديات الاقتصادية والسياسية، وقد تنجح نسبيا على المستوى الأمني لأن ذالك هو الشيء الوحيد الذي يتقنه الحرس القديم والإدارة العميقة، وهم يريدون أن يستعينوا بقانون الطوارئ لسنة 78 لتحقيق هذه النجاحات وينتظرون دوما جوقة الإعلام النوفمبري لتعزف لهم سنفونيات التمجيد والمساندة.
فصندوق النقد الدولي والبنك الدولي وجهوا توبيخا واضحا لهذه الحكومة لكي تسرع من نسق الإصلاحات الهيكلية وهذا كان واضحا في زيارة كرستين لاغارد الأخيرة، والتي حذرت من تضخم بند الرواتب في القطاع العام ومن تدني قيمة العمل وقالت بالحرف الواحد: “اللي يحب الللو ، يجب أن يسهر الليل بكلو” ،لكن موش في مهرجان قرطاج..
أما إعلامنا يجب أن يوجه كل جهوده لتوعية الشعب بخطورة المرحلة القادمة ، ولتحفيز الهمم لتحقيق إنتاجية أفضل وعمل أكثر فاعلية، بدل محاولات تخديره بالكرة والمهرجانات الفنية.
أما عن المعارضة ، فهي في أسوإ حالاتها، متشرذمة تعصف بها الزعاماتية، وحروب التموقع الحزبي، وغير قادرة على الوصول للمواطن العادي البسيط من خلال مقترحات وحلول بديلة. كما أنها غير قادرة على الضغط من أجل تمرير ترسانة قوانين إبداعية جديدة تساعد على الإصلاح الهيكلي والجذري الذي نحلم به جميعا…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

رئيس تجمع الأشراف الليبي لـ”السفير”: مشروع ميثاق الشرف من أجل السلام سيكون لكل الليبيين ومن أجل أمتنا الليبية..

تونس – السفير • تونس منَّا ونحن منها .. السيد المهدي الشريف أمين عام تجمع أشراف ليبي…