YOUR EXISTING AD GOES HERE

تونس – السفير
من المنتظر أن يتم الشهر المقبل وتحديدا منتصف أفريل القادم طرح مشروع التعديل الدستوري في تركيا على الاستفتاء والذي سيرجح النظام الرئاسي على النظام البرلماني الحالي والذي خلق هشاشة سياسية في التعاطي مع الملفات الكبرى مثل ملف الأمن القومي والتهديدات الإرهابية والخارجية ومن المنتظر حسب خبراء دستوريين وسياسيين أن يجلب التعديل الدستوري في صورة الموافقة عليه مزيدا من الاستقرار للبلاد، رغم التقدم المستمر الذي تشهده البلاد منذ سنوات على أصعدة عديدة لاسيما منها الاقتصاد.
التعديل الدستوري المرتقب في تركيا من المنتظر أن يعطي مزيدا من الصلاحيات المهمة للرئيس الذي لا يمتلك وفق النظام البرلماني الحالي في تركيا صلاحيات تمكنه من اتخاذ القرارات السريعة والمناسبة في حالات الطوارئ والقضايا الكبرى لاسيما بعد المحاولة الانقلابية العسكرية الفاشلة اليت عرفتها الدولة التركية منتصف جويلية من العام الماضي. ما يعني أن التعديل المرتقب سيجعل من الرئيس الماسك الفعلي بزمام الدولة وفق القانون والصلاحيات المخولة له.
thumbs_b_c_33e3ca80b165fdd9fdb458c7b531f2cb
وقد أكد وأبرز العديد من السياسيين والكتاب المعروفين والخبراء أن الإصلاحات تهدف إلى حل مشاكل النظام القائم، ومظيد دعم الحكم في تركيا خلاف ما يدعيه معارضو التعديل بأنه سيكرس حكم الرجل الواحد ودكتاتورية جديدة على الرغم من الهامش الديمقراطي الكبير الذي تعيشه تركيا منذ العقود الأخيرة. وهو ما يعني أن مبادرة التعديل الدستوري المنتظر في صورة الموافقة عليها سيكون نتيجة حقبة من التحليلات والمناقشات بخصوص الأزمات السياسية الراهنة في تركيا حيث كتب أحد الخبراء في مركز “سيتا” للبحوث السياسية والاجتماعية والاقتصادية: “ونحن نعلم أن اقتراح تعديل دستوري أعد مع مراعاة عقود من المناقشات والأزمات السياسية المتكررة،”، مشيرا إلى أنه من الواضح أن هذا الاقتراح تم إعداده تحت إطار يهدف إلى منع مثل هذه الأزمات من أن تتكرر في المستقبل.
وجدير بالذكر أن تركيا في ظل نظامها البرلماني الحالي والأحداث السياسية والأمنية الداخلية والإقليمية، عانت العديد من الأزمات السياسية والعسكرية وعدد من الانقلابات إلى أن استقر الأمر نسبيا منذ عقدين تقريبا على الصعيد السياسي والاقتصادي منذ وصول العدل والتنمية للحكم وصعود الزعيم رجب طيب أردوغان ذو الخلفية الاسلامية لسدة الحكم في الدولة العلمانية وتحقيق قفزة اقتصادية وديمقراطية كبرى لكنها لم تمنع المتربصين للنظام التركي النموذجي من التخطيط لانقلابات جديدة مستغلين في ذلك صيغة الحكم البرلماني القائم وتنوع المشهد السياسي وخاصة القضايا القومية والانفصاليين الأكراد ممثلين في حزب العمال الكردي..
وبموجب النظام الجديد المقترح في التعديل الدستوري، سيكون في السلطة التشريعية عديد التغييرات. منها زيادة عدد النواب إلى 600 نائب بدل 500، وخفض سن الترشح للبرلمان من 25 إلى 18 في الانتخابات، وعقد الرئاسية والبرلمانية كل خمس سنوات، في حين أن البرلمان يحتفظ بحقه في التشريع والتعديل و إلغاء القوانين..
والأهم من ذلك أنه سيتم إلغاء منصب رئيس الوزراء ومجلس الوزراء والرئيس سوف يصبح رئيس السلطة التنفيذية.
وعلاوة على ذلك أيضا، فإن الرئيس سيكون قادرا على إصدار الأموامر والمراسيم ووضع الميزانية وتعيين نائب رئيس ووزراء. كما يمنع التعديل الدستوري الجديد انتخاب شخص ما لمنصب الرئيس أكثر من مرتين، ما يعني أنه لا يمكن لأي رئيس أن يتجاوز 10 سنوات من الحكم كما في الأنظمة الرئاسية الديمقراطية الكبرى على غرار الولايات المتحدة الأمريكية.
كما سيتم إجراء عدد من التغييرات على المجلس الأعلى للقضاء في تركيا من القضاة والمدعين العامين (HSYK). وفقا لذلك، ومن المتوقع أيضا أن يكون له مقعد دائم في مجلس الإدارة، في حين سيتم اختيار أربعة من أعضاء مجلس الإدارة من قبل الرئيس وسيتم انتخاب سبعة آخرين من قبل البرلمان ووكيل وزارة العدل. وقد لاحظ الخبراء أن تعيين القضاة من قبل الأشخاص المنتخبين ديمقراطيا سيمنع استغلال البيروقراطية.
وفيما يتعلق بالمحاكم الدستورية، سيتم تخفيض عدد المقاعد إلى 15 من 17، في حين سيتم إلغاء اللجان العسكرية والمحاكم. وهو ما من شأنه أن يحد من تدخل العسكر في شؤون الحكم والإدارة السياسية..
وعلى الرغم من أن مشروع الإصلاح الدستوري يقترح تغيير نظام الحكم، فإنه يهدف إلى التخلص من نظام الوصاية، وتعزيز سيادة القانون والديمقراطية، حسب خبراء في سيتا في بيان نشر على الأنترنات ( باللغة التركية)
2016-11-09_024225
وعلى سبيل المثال، من خلال التخلص من المحاكم العسكرية، فإن الدستور الجديد أزال المادة 122، التي صيغت خلال فترة الأحكام العرفية من قبل إدارة انقلاب في عام 1982، وذلك يعني التخلص تماما من احتمال وجود وتكرر محاولات انقلاببية عسكرية في المستقبل، ومن المعلوم أن الانقلابات التي عرفتها تركيا منذ سبعينات القرن الماضي دمرت العديد من قدرات البلاد التنموية والاقتصادية والديمقراطية. آخرها محاولة 15 يوليو 2016 التي تم إحباطها في مشهد تاريخي من قبل الملايين من الناس الذين دافعوا عن الشرعية والديمقراطية. وعلاوة على ذلك، سوف يسمح التعديل المنشود للجنة التفتيش التابعة للدولة بإجراء عمليات التفتيش على القوات المسلحة التركية (TSK)، وهي التي يحظرها الدستور الحالي. ما يعني أن التعديل سيعمل على مزيد ترسيخ النظام الديمقراطي في البلاد والحد من المخاوف الانقلابية وسلطة العسكر.
ورغم كل هذه الإيجابيات التي يمكن للتعديل الدستوري والنظام الجديد إدخالها على نظام الحكم في تركيا إلا أن بعض الدول الغربية ترفض هذه التغييرات في تدخل سافر في شؤون دولة تعتبر من أكبر دول حلف شمال الأطلسي عسكريا بعد الولايات المتحدة الأمريكية، نفس هذه الدول التي تعارض التعديل الدستوري اليوم لم تسارع إبان المحاولة الانقلابية العسكرية الفاشلة التي شهدتها تركيا ليلة 15 يوليو جويلية 2016، إلى إدانة المحاولة والتنديد بها، بل هناك من منتقدي التعديل الدستوري من يحمي بعض المورطين في الانقلاب من الإرهابيين المدعومين خارجيا. وهو ما يدل على تخوف بعض هذه الدول من النموذج التركي الصاعد والذي يوازي في قوته وتطوره هذه الدول الكبرى..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

تمديد الاحتفاظ بإطارين من وزارة المالية بشبهات فساد

تونس – السفير  أذنت النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بتونس لأعوان الوحدة الوطنية…