حوارات - حوارات عربية - سبتمبر 2, 2015

الحقوقي المغربي محمد حقيقي لـ"السفير": معركتنا في المغرب ضدّ التعسف وعدم إنصاف الضحايا وحرمانهم من مستحقات المصالحة

YOUR EXISTING AD GOES HERE

السفير – المغرب
في هذا الحوار يتحدث الحقوقي الدكتور محمد حقيقي عن تقييمه للوضع الحقوقي بالمغرب، وعن حيثيات الاعتصام الذي يخوضه ضحايا من سنوات الرصاص أمام المجلس الوطني لحقوق الإنسان منذ أزيد من 7 أشهر، وأيضا عن التراجع الذي يعرفه المغرب على مستوى الحريات وخاصة حرية الصحافة، بالإضافة إلى الوضع داخل منتدى الكرامة لحقوق الإنسان، وقضايا أخرى نترككم متابعتها في هذا الحوار.
قبل متابعة الحوار نترككم مع نبذة موجزة عن الأستاذ محمد حقيقي .
– معتقل سياسي سابق ومدافع عن حقوق الإنسان،
– عضو مؤسس للمنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف،
– اشتغل إطارا في هيئة الإنصاف والمصالحة،
– عضو مؤسس لمنتدى الكرامة لحقوق الإنسان،
– عضو منظمة الكرامة ALKARAMAبجنيف سويسرا،
– عضو مؤسس للرابطة العالمية للحقوق والحريات بجنيف سويسرا وعضو مجلس إدارتها،
– عضو منظمة فرانت لاين FRONT LINE بدبلن إيرلاندا،
– مستشار حقوقي في عدة تنسيقيات ذات علاقة بقضايا حقوقية.

1- ما تقييمك للوضع الحقوقي بالمغرب بعد تراجع حراك الشباب ؟
بالفعل حينما انطلق الحراك الفبرايري أربك كل الحسابات السياسية، وخلط أوراق التكهنات و التوقعات ، وكان في ذلك أكثر من رسالة لعل أهمها تتمثل في انبعاث الوعي الجمعي للشعب المغربي خصوصا الفئات اﻹجتماعية الكادحة وفئة الشباب المتذمر و الغاضب بسبب الوضع الذي يعيشه تحت وطأة حالة انسداد الآفاق و انتظار المجهول ، إضافة إلى فقدان الثقة في الفاعل السياسي الذي اعتاد بعضه بالطبع على المناورة و توظيف الديماغوجية والبرنامج الهلامي في مرحلة المعارضة وعند انتقاله إلى موقع السلطة التنفيذية ينخرط في خدمة أهداف لم تكن موضوع التصويت عليه من طرف الناخبين، كما طرح علينا هذا الحراك أيضا أكثر من سؤال من قبيل ، هل شكل التعاقد القائم في المغرب ما بين الحاكم والمحكوم يخدم العقد اﻹجتماعي ورهانات المواطنة ؟ هل الحزب بمفهومه التقليدي وارتباطاته التاريخية يخدم الديمقراطية اﻹجتماعية؟ ، هل الدولة تتطور تفاعلا مع تطور المجتمع، وتتطور وظائفها نحو ما هو إجتماعي أكثر من تطورها إلى الوظيفة الأمنية والجبائية؟ ما علاقة السلطة بالثروة ، والسؤال المهم كذلك الذي طرحه علينا الحراك يتمثل في البحث عن قوة جديدة أو مقاربة جديدة تضطلع بخدمة الجيل الثاني لحقوق اﻹنسان والمتعلقة بالحقوق اﻹقتصادية واﻹجتماعية والثقافية بما يؤهل المجتمع على قدم المساواة وحسب الحاجة من اﻹستفادة من جميع الثروات وإمكانات الوطن الواعدة ، و حمايتها من السرقة والإحتكار وتداولها بين فئة معينة من المتنفذين الذين يكرسون اﻹستبداد والفساد ويستمرؤون تداول السلطة بينهم مع الثروة.
نعم كان دستور 2011 وهو دستور واعد ينطوي على مجموعة من الضمانات تهدف إلى تمتيع المواطن بكافة حقوقه وحرياته، والإنتقال به إلى دولة الحق والقانون، الدولة المواطنة بكل ما للكلمة من معنى ، لكن إذا فحصنا الواقع ورصدنا المعيش اليومي للمواطن، وأنا أقارب الموضوع من الناحية الحقوقية، نكتشف أن الوثيقة الدستورية لم تمكن المواطن من حقوقه وحرياته، ولم يلمس التغيير بشكل حقيقي ، وبدل ذلك استمر الوضع في التدحرج إلى الأسوأ مما كان عليه ، بدءا من ضرب القدرة الشرائية، والمس بحق المواطنين في العيش الكريم، ومصادرة حق بعضهم في تأسيس اﻷحزاب، و استمرار معضلة البطالة والفقر المدقع و السكن غير اللائق ، إضافة إلى سوء وضعية السجون عموما واﻹعتداءات التي يتعرض لها معتقلو ما يسمى بالسلفية الجهادية مما يدفعهم إلى خوض إضرابات مفتوحة عن الطعام كما هو حال عدة إضرابات عن الطعام تجري الآن في مجموعة من السجون ، وعدم تفعيل توصيات أممية صادرة عن فريق اﻹعتقال التعسفي وتوصي بإطﻻق سراح محمد حاجب ومصطفى الحسناوي وعلي أعراس وعبد الصمد البطار وتعويضهم تعويضا كافيا،
واستمرار اﻹعتداء على حق المواطنين في التظاهر السلمي كما هو الشأن بالنسبة للمعطلين والمكفوفين ، وفيما يتعلق بالتعذيب أحيلكم على تقرير منظمة العفو الدولية في الموضوع، وغير ذلك من المؤشرات السلبية على وضعية حقوق الإنسان بالمغرب .
كنا ننتظر أن تقوم الوثيقة الدستورية بثورة جديدة تغير المفاهيم وبالتالي العقليات والواقع حول التداول السياسي الديمقراطي ، والدولة المواطنة دولة المجتمع، والمجتمع المدني الواعي والمستقل، والعدالة الإجتماعية بما في ذلك توزيع الثروة توزيعا عادلا ، والحكامة السياسية والإدارية والإقتصادية والأمنية . لكن مع كامل الأسف عشنا مخاضا عسيرا وما يزال الألم مستمرا من أجل ولادة طبيعية تعود فيها الأمور إلى نصابها ، صحيح أن هناك ضبط أمني ينتج استقرارا مفروضا بدون حكامة، و هناك تداول سياسوي لكنه بدون رشد ، يجري كل ذلك في ظل تغول الإستبداد والفساد ، لكن إلى متى سيستمر هذا الوضع ؟ في المقابل علينا أن نستحضر بكل وعي ومسؤولية وطنية قاعدة “عدلت فأمنت..” وهذا هو صمام الأمان الذي يضمن السلم الإجتماعي في المغرب،و الإستقرار الحقيقي، أن يكون للمواطن حق في هذا الوطن و أن يتمتع في الأدنى بحقوقه الإجتماعية ، ولذلك إذا كنا نعيش أزمة في تدبير الموارد ، فمن الضروري أن نتحمل جميعا بكل تضامن وطني كلفة التضحية، و أن نصطف سواسية أمام تدابير التقشف لمواجهة الأزمة جميعا ، لا أن يقع العبء على الفئات الكادحة والطبقة المتوسطة ، إن كانت ما تزال موجودة، لفائدة توسيع مكاسب الطبقة الراقية والطبقة السياسية المتناوبة على السلطة و التي غلبتها نزعة التسلط .
2- الملاحظ هو لجوء العديد من الضحايا والمتضررين إلى تأسيس تنسيقيات لهدف محدد، كالتنسيقية الوطنية لضحايا سنوات الرصاص المعتصمة أمام المجلس الوطني لحقوق الإنسان، عوض النضال من داخل المنظمات الحقوقية القائمة، في تقديركم إلى ماذا يرجع هذا الأمر ؟
الجمعية الحقوقية لها اهتماماتها ، التي في الغالب، تشمل عدة مجالات ، ونحن كمدافع عن حقوق اﻹنسان أعتبر أن علاقتي بالجمعية ليست قائمة على ارتباط وجود وعدم، إن المدافع عن حقوق اﻹنسان وجد كمناضل وهو الذي من دون شك أنشأ اﻹطار الحقوقي كفضاء أرحب للعمل المشترك والداعم ، لذلك ﻻ يستقيم أن تكبل الجمعية حركيته وانفتاحه على القضايا الحقوقية الحقيقية بدعوى ضرورة اذعانه لقرار المكتب المسير الذي لم يتحرر ربما بعد من اﻹرتهان ببعض الهيئات السياسية. فإذا ضاق عليه الفضاء عاد إلى ذاته من جديد متحررا من كل المعيقات .
لذلك فالمقاربة التي اعتمدها، بكل تواضع و وضوح، في الدفاع عن حقوق اﻹنسان تتمثل في اﻹستماع إلى العارضين و دراسة ملفاتهم وبعد حصول القناعة بمظلوميتهم ومشروعية مطالبهم، ينشؤون تنسيقية لهم ، إذا كانوا أكثر من عارض في نفس القضية، من أجل توحيد المخاطب و كذلك لتنظيم نشاطهم وتحويله إلى قوة للحصول على حقوقهم.
و ربما تلاحظون أنني أحمل صفة مستشار حقوقي لعدة تنسيقيات منها تنسيقية الحقيقة للدفاع عن معتقلي الرأي والعقيدة، وتنسيقية المعتقلين اﻹسلاميين السابقين وهذه التنسيقيتين جمعتا داخل اللجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين اﻹسلاميين ، كما أعمل مستشارا حقوقيا لتنسيقية المعتقلين المغاربة بغوانتنامو وهي تنسيقية علق العمل بها ، وتنسيقية عائلات المعتقلين والمفقودين المغاربة بالعراق ، إضافة إلى التنسيقية الوطنية لضحايا اﻹنتهاكات الجسيمة لحقوق اﻹنسان خلال سنوات الرصاص بالمغرب التي أنشأها الضحايا المعنيون مؤخرا في 12 يونيو 2015 ، وهناك تنسيقيات أخرى حلت بمجرد تحقيق مطالبها .
ظهور تنسيقيات ﻻ ينبغي اعتباره بديلا عن الجمعية الحقوقية ، بل هو مساعد لها ويعمل على تأهيل المعنيين من أجل تملك وسائل اﻹحتجاج السلمي والترافع بما فيه من معرفة المساطر واﻹجراءات المعمول بها للتظلم ، وكذلك التحول إلى قوة لتحقيق المطالب المشروعة ، وفيه أيضا حماية لملفات وقضية العارضين المعنيين من اﻹهمال أو الإلتفاف عليها وغير ذلك مما يقع أحيانا.
أما فيما يتعلق بالتنسيقية الوطنية لضحايا اﻹنتهاكات الجسيمة لحقوق اﻹنسان خلال سنوات الرصاص بالمغرب فجل أفرادها هم أعضاء في المنتدى المغربي من أجل الحقيقة واﻹنصاف، إما أعضاء عاديين أو أعضاء في مجلسه الوطني أو رؤساء فروع ، ولا تعتبر التنسيقية الوطنية نفسها بديلا عن المنتدى ، فالضحايا المعتصمون أمام المجلس الوطني لحقوق الإنسان منذ 21 يناير 2015 والمضربون عن الطعام المفتوح منذ 17 غشت يثمنون عاليا ما قدمه المنتدى المغربي في سبيل إنصافهم حتى الساعة ، وينتظرون منه مزيدا من الدعم والمساندة حتى انتزاع حقوقهم . ناهيك على أن المنتدى المغربي لم يفتأ يطالب في بياناته ومنها بيانه اﻷخير الصادر بتاريخ 12 يوليوز بمعالجة ملفات الضحايا المصنفة تعسفا خارج اﻷجل وإصدار توصيات اﻹدماج اﻹجتماعي ، كما زار بعض أعضاء مكتبه التنفيذي معتصم الكرامة وعبروا للمعتصمين عن دعمهم ومساندتهم لهم ولمطالبهم ، ولهذا فالتنسيقية الوطنية ليست في حاجة إلى خلق تناقض مع المنتدى المغربي كما أن المنتدى المغربي في غنى عن التملص من الدفاع عن الضحايا وحمايتهم أو فتح النار عليهم تحت أي ذريعة ، لأنهم بكل بساطة يمثلون مبررا لوجوده .
و خلاف ذلك يعتبر ضحايا سنوات الرصاص أن التنسيقية الوطنية إطار لتنطيم معتصم الكرامة أنشأت لمساعدة المنتدى المغربي في تدبير وتصفية ملف الضحايا المعتصمين والمضربين عن الطعام أمام المجلس الوطني لحقوق الإنسان ، وتمد يدها للتنسيق مع قيادة المنتدى لدفع المجلس الوطني لحقوق اﻹنسان من أجل إكمال وإتمام مهامه ، والقيام بكل الخطوات اللازمة لتحقيق المطلوب.
إن معركتنا جميعا هي ضد التعسف وعدم إنصاف الضحايا و حرمانهم من مسحقات المصالحة ، وعدم جبر أضرارهم على أساس المساواة مع رفاقهم الضحايا من نفس مجموعاتهم .
3- منذ خرجاتك التي انتقدت فيها رئيس منتدى الكرامة لحقوق الإنسان، لم نعد نسمع صوتا لهذا المنتدى، ما جديد ما اعتبره البعض أزمة داخل المنتدى الحقوقي المحسوب على الإسلاميين ؟
اعتبر نفسي عضوا مؤسسا لمنتدى الكرامة لحقوق الإنسان ، وظفت شرعيتي النضالية كمعتقل سياسي سابق خلال ما سمي بسنوات الرصاص لإعطاء دفعة نوعية ونفس جديد للمنتدى بكل تواضع ، كما أفادتني تجربتي في هيئة الإنصاف والمصالحة في طريقة الإشتغال بطريقة التقارير و التمكن من التفاعل مع الآليات الدولية لحماية حقوق الإنسان ، والوقوف على أهمية المصالحة الوطنية وشروط العدالة الإنتقالية ، لكن مع كامل الأسف سيقع الشرخ بعد حصول اختلاف في وجهات النظر مع رئاسة المنتدى حول طريقة تدبير ملفات حقوقية داخل المنتدى، سيتطور ذلك إلى تجريدي من مهامي كمدير تنفيذي ، فلم يبق أمامي إلا أن آخذ حينها مسافة من المكتب التنفيذي واجتماعاته في انتظار انعقاد الجمع العام اﻹنتخابي لمنتدى الكرامة الذي تجاوز أجله القانوني فضلا على أنه قفز على الجمع العام العادي، ولعل المكتب التنفيذي للمنتدى مشغول برهانات أخرى لتعدد صفات واهتمامات بعض القائمين عليه، لكن كيفما كان الحال لقد قام المنتدى بمجموعة من الأنشطة والفعاليات مثل الندوات و الورشات، و هو بصدد الإعداد على ما أعتقد للجمع العام الإنتخابي، وأتمنى له كامل التوفيق .
4- ألا ترى أنكم أخطأتم منذ البداية وأنتم تؤسسون لتنظيم حقوقي مع شخصيات تختلف الأولويات وطريقة الاشتغال معها؟ وألا تفكرون في إطار حقوقي جديد بعد الأزمة داخل منتدى الكرامة ؟
التقينا في منتدى الكرامة لحقوق الإنسان ، يجمعنا هدف واحد يتمثل في خدمة حقوق اﻹنسان بالمغرب والعمل على حمايتها والدفاع عنها ، ولعل اﻷمر الذي كان داعيا أكثر من غيره إلى تأسيس منتدى الكرامة هو تعرض مجموعة من المواطنين ذوي التوجه السلفي لإنتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان بعد اﻷعمال اﻹرهابية التي شهدتها الدار البيضاء سنة 2003 .
نعم اشتغلنا على ملفات أخرى لكن بوثيرة أقل، وقد برز دور المنتدى بخصوص ملف معتقلي ما يسمى بالسلفية الجهادية، و يعود ذلك إلى أنني كمدير تنفيذي للمنتدى كنت مكلفا بهذا الملف بينما كلف أعضاء المكتب التنفيذي كل منهم بملف معين حسب توزيع المهام الذي اعتمدناه في لقاء تواصلي داخلي في منطقة بريش بأصيلا على ما أظن سنة 2008 حينما كان الدكتور عبد اللطيف الحاتمي رئيسا للمنتدى، و لأن أعضاء المكتب التنفيذي كانت لهم انشغاﻻت كثيرة بكل تأكيد لم يفعلوا المهام التي أوكلت لهم من أجل الإشتغال على القضايا الحقوقية التي اختاروها ، فواصلت اشتغالي بكثافة على ملف معتقلي ما يسمى بالسلفية الجهادية من خلال مراقبة محاكماتهم و وتتبع أوضاعهم داخل السجون والقيام بالمتعين ، لدرجة أن المنتدى أصبح يظهر وكأنه جمعية خاصة بالمعتقلين اﻹسلاميين ، وكانت كل الخطوات التي أقوم بها تحضى بتأييد ومباركة المكتب التنفيذي لها ، لكني بعد مراحل من العمل بهذا الشكل فوجئت بموقف رئاسة المنتدى الحالية التي كان لها رأيا آخر في طريقة التدبير والتعاطي مع الملف وحول مهام الإدارة التنفيذية، و على العموم هذا أمر طويته وتجاوزته للتفرغ لما هو أكبر من الصراع على المواقع والنزاع حول المهام .
ولست نادما على المشاركة في تأسيس منتدى الكرامة لحقوق الإنسان إلى جانب أساتذة أكن لهم كل اﻹحترام والتقدير ،و من دون شك فقد استفاد المشهد الحقوقي بالمغرب من مجهودات وأعمال منتدى الكرامة لحقوق الإنسان وطرحه لبعض القضايا ذات الصلة بحقوق الإنسان في علاقتها بالمرجعية أو ما يسمى بالخصوصية، وﻻ أنوي تأسيس مكون حقوقي .
لقد أدركت أن العمل الجماعي له ضريبة على حساب المبادرة لاسيما إذا غابت فيه شروط العمل كفريق وافتقد إلى قواعد العمل المشترك ، لذلك أنا مرتاح و أفضل في الوقت الراهن العمل كمدافع عن حقوق اﻹنسان حقق امتدادا دوليا وتم اعتماده في المغرب من طرف منظمات دولية ، هذه الوضعية تتيح لي مساحة من الحرية في تدبير القضايا الحقوقية داخل الوطن وكذلك المساهمة في بعض القضايا الدولية وفق مقاربتي في العمل الحقوقي. العمل بمفردي يترك لي مجاﻻ واسعا للتحرك والمبادرة دون انتظار تبني المكتب المسير للجمعية للقضية أو التصويت عليها بالأغلبية .
يعرف المغرب تراجعا كبيرا على مستوى حرية الصحافة، ما المطلوب من الجمعيات الحقوقية والإعلامية في الوقت الراهن ؟
الدول الديمقراطية يتحول فيها الإعلام إلى سلطة رابعة، على اعتبار أن ذلك يساعدها في تحقيق التقدم نحو الحكامة و الشفافية و المزاوجة بين جدلية المسؤولية والمحاسبة ، من خلال فضح التلاعبات و رصد الإختلالات وإشراك المثقفين والمفكرين وغيرهم في التعبير عن رأيهم والمساهمة في صناعة نموذج الدولة والمجتمع المتوافق عليه. لكن الحال مختلف تماما في بلاد ما تزال تتلمس خطواتها الأولى على درب الإنتقال الديمقراطي والعدالة الإنتقالية المعطوبة ، وبكل تأكيد ففي ظل هيمنة الإستبداد والفساد لا أظن أن الطغمة المتحكمة ستترك الصحافة الجادة تمارس دورها بكل حرية ، بل ستعمل ما في وسعها لوضع القيود والعراقيل أمام تطورها وصولا إلى إضفاء الطابع القانوني على إجهاضها وإجلائها عن ساحة الفعل ، كل ذلك لتحويلها إلى صحافة رصيف عديمة الجدوى لا تساهم في تنمية وعي المجتمع ولا تفسح له مجالا لممارسة التغيير عبر ما يسمى بصحافة التحقيق وغيرها من وسائل المراقبة والمناهضة في زمن التواصل الإجتماعي والأدوار الجديدة للمجتمع المدني .
لذلك فليس غريبا أن تستهدف حرية الصحافة و يتم العمل على تقييدها فالهدف واضح يتمثل في سحبها بعيدا عن التأسيس لسلطة رابعة بعد الأعطاب والإختلالات التي أصابت بنسب متفاوتة باقي السلطات.
أما الجمعيات الحقوقية فهي تقوم بدورها بخصوص إعداد التقارير حول حرية الصحافة، لكن المشكل يكمن في أنه حتى هذه الجمعيات الحقوقية أصبحت مستهدفة و تطعن بعض الجهات في وطنيتها كما تتهمها بخدمة أجندات أجنبية وتمنع من استعمال الفضاء العمومي ومن القيام ببعض أنشطتها . وهذا مؤشر غير مطمئن على التشنج القائم ما بين الفاعل الرسمي والفاعل الحقوقي والإعلامي، و هو معطى أيضا يفضح التناقض الحاصل ما بين الحريات والحقوق التي جاء بها دستور 2011 و بين سياسة الضبط والتحكم المعتمدة في التعامل مع الصحافة الجادة وبعض الجمعيات الحقوقية.
المصدر: صدى نيوز (المغرب)
ملاحظة: السفير التونسية تنشر هذا الحوار بموافقة صاحبه والتنسيق معه، الأستاذ محمد حقيقي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

رئيس تجمع الأشراف الليبي لـ”السفير”: مشروع ميثاق الشرف من أجل السلام سيكون لكل الليبيين ومن أجل أمتنا الليبية..

تونس – السفير • تونس منَّا ونحن منها .. السيد المهدي الشريف أمين عام تجمع أشراف ليبي…